الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

القراءة: قرأ ولا نكذب ونكون بالنصب حفص عن عاصم وحمزة ويعقوب وقرأ ابن عامر ونكون بالنصب وقرأ الباقوت بالرفع فيهنَّ. الحجة: قال أبو علي: من قرأ بالرفع جاز فيه وجهان أحدهما: أن يكون معطوفاً على نردّ فيكون قولـه ولا نكذب ونكون داخلاً في التمني دخول نردّ فيه فعلى هذا تمنى الردّ وأن لا نكذب والكون من المؤمنين ويحتمل الرفع وجهاً آخر وهو أن تقطعه من الأول ويكون التقدير يا ليتنا نردّ ونحن لا نكذب ونكون وقال سيبويه هو على قولك فإنا لا نكذب كما يقول القائل دعني ولا أعود أي فإني ممن لا يعود فإنما يسألك الترك وقد أوجب على نفسه أن لا يعود ترك أو لم يترك ولم يرد أن يسألك أن تجمع له الترك وأن لا يعود. وحجة من نصب فقال ولا نكذب ونكون أنه أدخل ذلك في التمني غير موجب لأن التمني غير موجب فهو كالاستفهام والأمر والنهي في انتصاب ما بعد ذلك كله من الأفعال إذا دخلت عليها الفاء أو الواو على تقدير ذكر المصدر من الفعل الأول كأنه في التمثيل يا ليتنا يكون لنا ردّ وانتفاء التكذيب والكون من المؤمنين ومن رفع ولا نكذب ونصب ونكون فإن الفعل الذي هو لا نكذب يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون داخلاً في التمني فيكون في المعنى كالنصب والآخر: أن يخبر على البتات أن لا نكذب ردّ أو لم يردّ ومن نصبها جميعاً جعلهما داخلين في التمني. اللغة: يقال وقفت الدابة وقوفاً ووقف غيره يقفه وقفاً وحكي عن أبي عمرو أنه أجاز ما أوقفك ها هنا مع إخباره أنه لم يسمعه من العرب وبدا يبدو وبدوا إذا ظهر وفلان ذو بدوات إذا بدا له الرأي بعد الرأي وبدا لي في هذا الأمر بداء والبداء لا يجوز على الله سبحانه لأنه العالم بجميع المعلومات لم يزل ولا يزال. الإعراب: ولو ترى جوابه محذوف وتقديره لرأيت أمراً هائلاً ونحوه قولـه تعالى:ولو أن قرآنا سيّرت به الجبال } [الرعد: 31] يريد اسكان هذا القرآن وهذه الأجوبة إنما تحذف لتعظيم الأمر وتفخيمه ومثله قول امرىء القيس:
وَجِئْتُكَ لَوْ شَيءٌ أتَانَا رَسُولُهُ   سَواكَ ولكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعا
وتقديره لو أتانا رسول غيرك لما جئنا ويسأل فيقال لم جاز ولو ترى إذ وقفوا وإذ هي للماضي والجواب أن الخبر لصحته وصدق المخبر به صار بمنزلة ما وقع. المعنى: ثُمَّ بيَّن سبحانه ما ينال هؤلاء الكفار يوم القيامة من الحسرة وتمني الرجعة فقال { ولو ترى } يا محمد أو يا أيها السامع { إذ وقفوا على النار } فهذا يحتمل ثلاثة أوجه جائز أن يكون المعنى عاينوا النار وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم قال الزجاج: والأجود أن يكون معناه ادخلوها فعرفوا مقدار عذابها كما تقول في الكلام قد وقفت على ما عند فلان تريد قد فهمته وتبينته وهذا وإن كان بلفظ الماضي فالمراد به الاستقبال وإنما جاز ذلك لأن كل ما هو كائن يوماً مما لم يكن بعد فهو عند الله قد كان وأنشد في مثله:

السابقالتالي
2 3