الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

القراءة: ويوم يحشرهم ثم يقول بالياء فيهما قراءة يعقوب وحده وكذلك في الفرقان وفي سبأ وقرىء في سائر القرآن بالنون وقرأ حفص هنا وفي يونس بالنون وفي سائر القرآن بالياء وقرأ أبو جعفر وابن كثير في الفرقان بالياء وفي سائر القرآن بالنون وقرأ الباقون بالنون في جميع القرآن. الحجة: من قرأ بالياء ردَّه إلى الله في قولـه على الله كذباً ومن قرأ بالنون ابتداء والياء في المعنى كالنون. الإعراب: يوم نحشرهم العامل فيه محذوف على معنى وأذكر يوم نحشرهم. وقيل: إنهُ معطوف على محذوف كأنه قيل لا يفلح الظالمون أبداً ويوم نحشرهم والعائد إلى الموصول محذوف من الذين كنتم تزعمون وتقديره تزعمون أنهم شركاء أو تزعمونهم شركاء فحذف مفعولي الزعم لدلالة الكلام وحالة السؤال عليه. المعنى: ثمَّ بيَّن سبحانه ما يلزمهم من التوبيخ والتهجين بالإشراك فقال { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً } معناه ومن أكفر ممن اختلق على الله كذباً فأشرك به الآلهة عن ابن عباس وهذا استفهام معناه الجحد أي لا أحد أظلم منه لأنَّ جوابه كذلك فاكتفى من الجواب بما يدلّ عليه { أو كذَّب بآياته } أي بالقرآن وبمحمد ومعجزاته { إنه لا يفلح الظالمون } أي لا يفوز برحمة الله وثوابه ورضوانه ولا بالنجاة من النار الظالمون والظالم ها هنا هو الكافر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم المكذّب بآياته الجاحد لها بقولـه: ما نصب الله آية على نبوته. { ويوم نحشرهم جميعاً } عنى بهم من تقدَّم ذكرهم من الكفار لأنه سبحانه يحشرهم يوم القيامة من قبورهم إلى موضع الحساب { ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون } اختلف في وجه هذا السؤال فقيل إن المشركين إذا رأوا تجاوز الله تعالى عن أهل التوحيد قال بعضهم لبعض إذا سئلتم فقولوا إنا موحّدون فلما جمعهم الله قال لهم أين شركاؤكم ليعلموا أن الله يعرف أنهم أشركوا به في دار الدنيا وأنه لا ينفعهم الكتمان عن مقاتل. وقيل: إن المشركين كانوا يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم عند الله فقيل لهم يوم القيامة أين شركاؤكم الذين تزعمون أنها تشفع لكم توبيخاً لهم وتبكيتاً على ما كانوا يدّعونه عن أكثر المفسرين وإنما أضاف الشركاء إليهم لأنهم اتّخذوها لأنفسهم ومعنى تزعمون تكذبون. قال ابن عباس: وكل زعم في كتاب الله كذب وفي هذه الآية دلالة واضحة على بطلان مذهب الجبر وعلى إثبات المعاد وحشر جميع الخلق.