الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر تذكرون بتخفيف الذال حيث وقع والباقون بالتشديد وقرأ أهل الكرفة غير عاصم وإنَّ هذا بكسر الهمزة والباقون بفتحها وكلهم شدد النون إلا ابن عامر ويعقوب فإنهما قرآ إن بالتخفيف وكلهم سكن الياء من صراطي إلا ابن عامر فإنه فتحها وقرأ ابن عامر وابن كثير سراطي بالسين وقرأ حمزة بين الصاد والزاي. الحجة: القراءتان في تذكرون متقاربتان والأصل تتذكرون فمن خفف حذف التاء الأولى ومن شدّد آدغم التاء الثانية في الذال وأما من فتح وإنّ هذا فإنه حملها على فاتبعوه على قياس قول سيبويه في قولـه تعالىلإيلاف قريش } [قريش: 1] وقولـهوإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } [الأنبياء: 92] وقولـهوإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً } [الجن: 18] فيكون على تقدير ولأَن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ومن خفف فقال وإن هذا فإن الخفيفة في قولـه يتعلق بما يتعلق به الشديدة وموضع هذا رفع بالابتداء وخبره صراطي وفي أن ضمير القصة والحديث وعلى هذه الشريطة يخفف وليست المفتوحة كالمكسورة إذا خففت وعلى هذا قول الأَعشى:
في فِتْيةٍ كسيُوفِ الْهِنْدِ قَدْ عَلِمُوا   إنْ هالِكٌ كُلٌّ مَنْ يَحْفى وَيَنْتَعِلُ
والفاء التي في قولـه فاتبعوه على قول من كسر إن عاطفة جملة على جملة وعلى قول من فتح أن زائدة. اللغة: الأَشد واحدها شدّ مثل الأَشرّ في جمع شرّ والأَضرّ في جمع ضرّ والشد القوة وهو استحكام قوة الشباب والسن كما أن شد النهار هو ارتفاعه قال عنترة:
عَهْدي بِه شَدَّ النَّهــــارِ كَأَنّمــا   خُضِبَ الْبَنانُ وَرَأَسُهُ بِالْعِظْلَمِ
وقيل هو جمع شدة مثل نعمة وأنعم وقال بعض البصريين الأَشد واحد فيكون مثل الآنك قال سيبويه الذِكْر والذُكر بمعنى وذكر فعل يتعدى إلى مفعول واحد فإذا ضاعفتَ العين يعدي إلى مفعولين كما في قولـه:
يُذَكِّرنيكِ حَنينُ الْعَجُـــــولِ   وَنَوْحُ الْحَمامَةِ تَدعُو هَديِلا
ويقول ذَكّره فتذكّر فتفعل مطاوع فَعّل كما أن تفاعل مطاوع فاعل. المعنى: ثم ذكر سبحانه تمام ما يتلو عليهم فقال { ولا تقربوا مال اليتيم } والمراد بالقرب التصرف فيه وإنما خص مال اليتيم بالذكر لأَنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ولا عن ماله فيكون الطمع في ماله أشد ويد الرغبة إليه أمدّ فأكد سبحانه النهي عن التصرف في ماله وإن كان ذلك واجباً في مال كل أحد { إلا بالتي هي أحسن } أي بالخصلة أو الطريقة الحسنى ولذلك أنث وقد قيل في معناه أقوال أحدها: أن معناه إلا بتثمير ماله بالتجارة عن مجاهد والضحاك والسدي وثانيها: بأن يأخذ القيم عليه بالأَكل بالمعروف دون الكسوة عن ابن زيد والجبائي وثالثها: بأن يحفظ عليه حتى يكبر. { حتي يبلغ أشده } اختلف في معناه فقيل أنه بلوغ الحلم عن الشعبي.

السابقالتالي
2 3