الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

اللغة: تعالوا مشتق من العلو على تقدير أن الداعي في المكان العالي وإن كان في مستوٍ من الأرض كما يقال للإنسان ارتفع إلى صدر المجلس والتلاوة مثل القراءة والمتلو مثل المقروء والتلاوة غير المتلو كما أن الحكاية غير المحكي فالمتلو والمحكي هو الكلام الأول والتلاوة والحكاية هي الثاني منه على طريق الإعادة والإملاق الإفلاس من المال والزاد ومنه الملق والتملق لأنه اجتهاد في تقرب المفلس للطمع في العطية والفواحش جمع فاحشة وهو القبيح العظيم القبح والقبيح يقع على الصغير والكبير لأنه يقال القرد قبيح الصورة ولا يقال فاحش الصورة وضد القبيح الحسن وليس كذلك الفاحش. الإعراب: ما حرم ربكم في موضع نصب بقولـه أتل المعنى أتل الذي حرمه ربكم عليكم فيكون ما موصولة وجائز أن يكون في موضع نصب بحرَّم لأن التلاوة بمنزلة القول فكأنه قال أقول أيُّ شيء حرَّم ربكم عليكم أهذا أم هذا فجائز أن يكون الذي تلاه عليهم قولـه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً ويكون ألاّ تشركوا به منصوبة بمعنى طرح اللام أي أبيّن لكم الحرام لأن لا تشركوا لأنهم إذا حرَّموا ما أحل الله فقد جعلوا غير الله في القبول منه بمنزلة الله سبحانه فصاروا بذلك مشركين. ويجوز أن يكون أن لا تشركوا به شيئاً محمولاً على المعنى فيكون المعنى أتل عليكم ألا تشركوا أي أتل عليكم تحريم الشرك ويجوز أن يكون على معنى أوصيكم أن لا تشركوا به شيئاً لأن قولـه وبالوالدين إحساناً محمول على معنى أوصيكم بالوالدين إحساناً هذا كله قول الزجاج وتشركوا يجوز أن يكون منصوباً بأن ويكون لا للنفي ويجوز أن يكون مجزوماً بلا على النهي وإذا كان منصوباً فيكون قولـه ولا تقتلوا أولادكم عطفاً بالنهي على الخبر وجاز ذلك كما جاز في قولـهقل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين } [الأنعام: 14]. وقال جامع العلوم البصير الأصفهاني يجوز أن تقف على عليكم ثم تبتدىء بأن لا تشركوا أي هو أن لا تشركوا أي هو الإشراك أي المحرم الاشراك و " لا " زيادة ويجوز أن يكون ما استفهاماً فيقف على قولـه { ربكم } ثم يبتدىء فيقول { عليكم ألا تشركوا } أي عليكم ترك الإشراك وهذا وقف بيان وتمام قولـه { قل تعالوا } عند قولـه { بلقاء ربهم يؤمنون } لأن قولـه { وإن هذا صراطي } فيمن فتح معطوف على قولـه { ما حرَّم } أي أتل هذا وهذا ومن كسر فالتقدير " وقل إن هذا صراطي " وكذلك { ثم أتينا } أي وقل ثم أتينا وهذا كله داخل في التلاوة والقول. المعنى: لما حكى سبحانه عنهم تحريم ما حرَّموه عقَّبه بذكر المحرمات فقال سبحانه { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين { تعالوا } أي أقبلوا وأدنوا { أتل } أي اقرأ { ما حرَّم ربكم عليكم } أي منعكم عنه بالنهي ثم بدأ بالتوحيد فقال { أن لا تشركوا به شيئاً } أي أمركم أن لا تشركوا ولا فرق بين أن تقول لا تشركوا به شيئاً وبين أن تقول حرَّم ربكم عليكم أن تشركوا به شيئاً إذا النهي يتضمن التحريم وقد ذكرنا ما يحتمله من المعاني في الإعراب.

السابقالتالي
2