الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } * { قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَـٰذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }

اللغة: هلم قال الزجاج: أنها هاء ضمت إليها لم وجعلتا كالكلمة الواحدة فأكثر اللغات أن يقال هلم للواحد والاثنين والجماعة بذلك جاء القرآن نحو قولـه هلم إلينا ومعنى { هلم شهداءكم } هاتوا شهداءكم ومن العرب من يثنّي ويجمع ويؤنث فيقول للمذكر هلم وللاثنين هلما وللجماعة هلموا وللمؤنث هلمي وللنسوة هلممن وفتحت لأنها مدغمة كما فتحت ردَّ يا هذا في الأمر لالتقاء الساكنين ولا يجوز فيها هلمُّ للواحد بالضم كما يجوز في ردَّ الفتح والضم والكسر لأنها لا تتصرف. قال أبو علي: هي في اللغة الأولى بمنزلة رويد وصه ومه ونحو ذلك من الأسماء التي سميت بها الأفعال وفي الأخرى بمنزلة ردّ في ظهور علامات الفاعلين فيها كما يظهر في ردّ وأما هاء اللاحق بها فهي التي للتنبيه لحقت أولاً لأن لفظ الأمر قد يحتاج إلى استعطاف المأمور به واستدعاء إقباله على الأمر فهو لذلك يقرب من المنادى ومن ثم دخل حرف التنبيه في " ألا يا اسجدوا " ألا ترى أنه أمر كما أن هذا أمر وقد دخل في جمل أخر نحوها أنتم هؤلاء فكما دخل في هذه المواضع كذلك لحقت في لُمَّ إلا أنه كثر الاستعمال معها فغّير بالحذف لكثرة الاستعمال كأشياء تغير لذلك نحو لم أُبَلَ ولم أدر وما أشبه ذلك مما يغير للكثرة. المعنى: لما تقدّم الرد على المشركين لاعتقاداتهم الباطلة ردَّ عليهم سبحانه هنا مقالتهم الفاسدة فقال { سيقول الذين أشركوا } أي سيحتج هؤلاء المشركين في إقامتهم على شركهم وفي تحريمهم ما أحل الله تعالى بأن يقولوا { لو شاء الله ما أشركنا } أي لو شاء الله أن لا نعتقد الشرك ولا نفعل التحريم { ولا آباؤنا } وأراد منا خلاف ذلك ما أشركنا ولا آباؤنا { ولا حرَّمنا من شيء } أي شيئاً من ذلك. ثم كذَّبهم الله تعالى في ذلك بقولـه { كذلك } أي مثل هذا التكذيب الذي كان من هؤلاء في أنه منكر { كذب الذين من قبلهم } وإنما قال كذَّب بالتشديد لأنهم بهذا القول كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قولـه لهم إن الله سبحانه أمركم بتوحيده وترك الإشراك به وترك التحريم لهذه الأنعام فكانوا بقولـهم إن الله تعالى أراد منا ذلك وشاءه ولو أراد غيره ما فعلناه مكذبين للرسول عليه السلام كما كذَّب من تقدَّمهم أنبياءهم فيما أتوا به من قبل الله تعالى { حتى ذاقوا بأسنا } أي حتى نالوا عذابنا. وقيل: معناه حتى أصابوا العذاب المعجل ودلَّ ذلك على أن لهم عذاباً مدّخراً عند الله تعالى لأن الذوق أول إدراك الشيء. { قل } يا محمد لهم جواباً عما قالوه من أن الشرك بمشيئة الله تعالى { هل عندكم من علم } أي حجة تؤدّي إلى علم.

السابقالتالي
2 3