الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } * { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وابن فليح وابن عامر وأهل البصرة المعَز بفتح العين والباقون بسكونها. الحجة: قال أبو علي من قرأ المَعَز فإنه جمع ماعز مثل خادم وخَدَم وحارس وحَرَس وطالب وطَلَب وقال أبو الحسن: هو جمع على غير واحد وكذلك المِعْزى وحكى أبو زيد الأمْعُوز وقالوا المعَيز كالكليب والضئين ومن قرأ المَعْز فإنه جمع أيضاً مثل صاحب وصَحْب وتاجر وتَجْر وراكب ورَكْب، وأبو الحسن يرى هذا الجمع مستمراً ويرده في التصغير إلى الواحد فيقول في تحقير ركب رويكبون وفي تجر تويجرون وسيبويه يراه اسماً من أسماء الجموع وأنشد أبو عثمان في الاحتجاج لسيبويه:
أخشى رُكيباً أو رُجيلاً عادياً   
فتحقيره له على لفظه يدل على أنه اسم للجمع وأنشد:
وأين رُكَيب واضعون رحالهم   
اللغة: الحمولة الإبل يحمل عليه الأثقال ولا واحد لها من لفظها كالركوبة والجزورة والحمولة بضم الحاء هي الأحمال وهي الحمول أيضاً وإنما قيل للصغار فرش لأمرين أحدهما: لاستواء أسنانها في الصغر والانحطاط كاستواء ما يفرش والثاني: أنه من الفرش وهو الأرض المستوية التي يتوطأها الناس والزوج يقع على الواحد الذي يكون معه آخر وعلى الاثنين كما يقال للواحد والاثنين خصم وعدل والاشتمال أصله الشمول يقال شملهم الأمر يشملهم وشملهم الأمر يشملهم شمولاً إذا عمّهم ومنه الشمال لشمولها على ظاهر الشيء وباطنه بقوتها ولطفها ومن ذلك الشمول للخمر لاشتمالها على العقل. وقيل: لأن لها عصفة كعصفة الشمال. الإعراب: حمولة عطف على جنات أي وأنشأ من الأنعام حمولة واثنين محمول على أنشأ أيضاً أي ثمانية أزواج اثنين من كذا واثنين من كذا فثمانية أزواج بدل من حمولة وفرشاً واثنين من كذا واثنين من كذا بدل من ثمانية أو عطف بيان وقولـه ءآلذكرين حرم دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل وفصل بينهما بالألف ولم تسقط همزة الوصل لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ولو أسقطت لجاز لأن أم تدل على الاستفهام وعلى هذا الوجه أجاز سيبويه أن يكون قول الشاعر:
فَوَاللهِ مـا أدْريِ وَإنْ كُنْتُ دارياً   شُعَيثُ بْنُ سَهْمٍ أوْ شُعَيْثُ بنُ مِنْقَرِ
استفهاماً فيكون تقديره أشعيث وما في قولـه أم ما اشتملت في موضع نصب بكونه عطفاً على الأنثيين وإنما قال الأنثيين فثّنى لأنه أراد من الضأن والمعز. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما عده فيما تقدم من عظيم الأنعام ببيان نعمته في إنشاء الأنعام فقال { ومن الأنعام } أي وأنشأ من الأنعام { حمولة وفرشاً } قد قيل فيه أقوال أحدها: أن الحمولة كبار الإبل والفرش صغارها عن ابن عباس وابن مسعود بخلاف والحسن بخلاف ومجاهد وثانيها: أن الحمولة ما يحمل عليه من الإبل والبقر والفرش الغنم عن الحسن في رواية أخرى وقتادة والربيع والسدي والضحاك وابن زيد وثالثها: أن الحمولة كل ما حمل من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير والفرش الغنم عن ابن عباس في رواية أخرى فكأنه ذهب إلى أنه يدخل في الأنعام الحافر على وجه التبع رابعها: أن معناه ما ينتفعون به في الحمل وما يفترشونه في الذبح فمعنى الافتراش الاضطجاع للذبح عن أبي مسلم قال وهو كقولـه

السابقالتالي
2 3