الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير حفص فَصَّل لكم بالفتح ما حُرِّم بالضم وقرأ أهل المدينة وحفص ويعقوب وسهل فَصَّل لكم ما حَرَّم كليهما بالفتح وقرأ الباقون فُصِّل لكم ما حُرِّم بالضم فيهما وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب ليَضِّلون بفتح الياء هما وفي يونس ليَضلوا عن سبيلك وفي إبراهيم ليَضلوا عن سبيله وفي الحجّ ليَضل عن سبيل الله وفي لقمان والزمر في المواضع الستة وقرأ أهل الكوفة بضم الياء في هذه المواضع وقرأ الباقون هنا وفي سورة يونس بفتح الياء وفي الأربعة بعد هذين الموضعين بضمّ الياء. الحجة: حجة من ضمَّ الفاء من فُصّل والحاء من حُرّم قولـهحُرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } [المائدة: 3] فهذا تفصيل هذا العام المجمل بقولـه حُرّم وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً فمفصلاّ يدلّ على فُصّل وحجة من قرأ فَصَّل وحَرَّم بفتح الفاء والحاء قولـه قد فصلنا الآيات وقولـه أتل ما حَرَّم ربكم وقولـه الذين يشهدون أن الله حرَّم هذا وحجة من ضم الياء من يُضِلّون ويضلوا أنه يدل على أن الموصوف بذلك في الضلالة أذهب ومن الهُدى أبعد ألا ترى أن كل مضلٍّ ضالّ وليس كل ضالٍّ مضلاٍّ لأن الضلال قد يكون مقصوراً على نفسه لا يتعداه إلى سواه ومن قرأ بفتح الياء فإنه يريد أنهم يضلون في أنفسهم من غير أن يضلوا غيرهم من أتباعهم بامتناعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه وغير ذلك أي يضلون بأتباع أهوائهم. الإعراب واللغة: وذروا الواو للعطف وإنما استعمل منه الأمر والمستقبل ولا يستعمل وَذَر ولا واذِرٌ أشعروا بذلك كراهية الابتداء بالواو حتى لم يزيدوها هناك أصلاً مع زيادتهم أخواتها واستغنوا فيها بتَرك وتارِك وهذا كما استعملوا الماضي دون المستقبل واسم الفاعل في عسى والظاهر الكائن على وجه يمكن أدراكه والباطن هو الكائن على وجه يتعذّر أدراكه والكسب ما يفعل لاجتلاب النفع أو دفع الضرر وإنما يوصف به العبد دون الله تعالى لاستحالة النفع والضرر عليه سبحانه والكواسب الجوارح من الطير لأنها تكسب ما تنتفع به وقد بيّنا أن معنى الإقتراف الاكتساب. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدَّم من الكلام فقال: { فكلوا } ثم اختلف في ذلك فقيل أنه لما ذكر المهتدين فكأنه قال ومن الهداية أن تحلُّوا ما أحلَّ الله وتحرّموا ما حرَّم الله فكلوا. وقيل: إن المشركين لما قالوا للمسلمين أتأكلون ما قتلتم أنتم ولا تأكلوا ما قتل ربكم فكأنه قال سبحانه لهم أعرضوا عن جهلكم فكلوا والمراد به الإباحة وإن كانت الصيغة صيغة الأمر. { مما ذكر اسم الله عليه } يعني ذكر اسم الله عند ذبحه دون الميتة وما ذكر عليه اسم الأصنام والذكر هو قول بسم الله.

السابقالتالي
2 3