الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ }

القراءة: قرأ أبو عمرو { يخرّبون } بالتشديد والباقون يخربون ساكنة الخاء وخفيفة الراء وفي الشواذ قراءة طلحة بن مصرف { يشاقق الله } بقافين على الإظهار كالتي في الأنفال. الحجة: يقال: خرب الموضع وأخربته وخربته قال الأعشى:
وأخربت من أرض قوم دياراً   
وحكي عن أبي عمرو أن الإخراب أن يترك الموضع خرباً والتخريب الهدم. اللغة: الحشر جمع الناس من كل ناحية ومنه الحاشر الذي يجمع النّاس إلى ديوان الخراج والجلاء الانتقال عن الديار والأوطان للبلاء يقال: جلا القوم عن منازلهم جلاء وأجليتهم إجلاء واللينة النخلة وأصله من اللون قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها وجمعها ليان قال امرؤ القيس:
وَسالِفَــةٍ كَسَحُوقِ اللِّبا   نِ أَضْرَمَ فِيهَا الْغَويُّ السُّعُرْ
وقال ذو الرمة:
طِراقُ الْخَوافي وَاقِعٌ فَوْقَ لِينَةٍ   بِــذي لَيْلَـــةٍ في ريشِه يَتَرَقْرَقُ
فكأن اللينة نوع من النخل أي ضرب منه. وقيل: هو من اللين للين ثمرها. الإعراب: ما نعتهم حصونهم ارتفع حصونهم بقوله { مانعتهم } لأن اسم الفاعل جرى خبراً لأنَّ فيرفع ما بعده. النزول: قيل: نزلت السورة في إجلاء بني النضير من اليهود فمنهم من خرج إلى خيبر ومنهم من خرج إلى الشام عن مجاهد وقتادة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه فقبل ذلك منهم فلها غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وظهر على المشركين قالوا والله إنه للنبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا تردّ له راية فلما غزا غزاة أحد وهزم المسلمون ارتابوا ونقضوا العهد فركب كعب بن الأشرف في أربعين راكباً من اليهود إلى مكة فأتوا قريشاً وحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد ثم دخل أبو سفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة ثم رجع كعب بن الأشرف وأصحابه إلى المدينة ونزل جبرائيل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان وأمره بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلم الأنصاري وكان أخاه من الرضاعة. قال محمد بن إسحاق: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف فلما أتاهم النبي يستعينهم في الدية قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت ثم خلا بعضهم ببعض فقال: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حالته هذه ورسول الله إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد فقالوا: من رجل يعلو على هذا البيت يلقي عليه صخرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وقال لأصحابه: لا تبرحوا فخرج راجعاً إلى المدينة ولما استبطؤوا النبي صلى الله عليه وسلم قاموا في طلبه فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلاً المدينة فأقبل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة بقتل كعب بن الأشرف فخرج ومعه سلكان بن سلامة وثلاثة من بني الحرث وخرج النبي صلى الله عليه وسلم على أثرهم وجلس في موضع ينتظر رجوعهم.

السابقالتالي
2 3 4