الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } * { إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ } * { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

القراءة: قرأ محمد بن حبيب الشموني عن الأعشى عن أبي بكر أو عشيراتهم على الجمع والباقون أو عشيرتهم على التوحيد وفي الشواذ قراءة الحسن اتخذوا إيمانهم بكسر الهمزة ورواية بعضهم عن عاصم كتب بضم الكاف في قلوبهم الإيمان بالرفع. الحجة: من قرأ إيمانهم حذف المضاف أي اتخذوا إظهار أيمانهم جنة ومن قرأ كتب في قلوبهم الإيمان فهو على حذف المضاف أيضاً أي كتب في قلوبهم علامة الإيمان ومن أسند الفعل إلى الفاعل فلتقدم ذكر الاسم على ذلك ويدل عليه قوله { وأيدهم بروح منه } اللغة: الجنة السترة التي تقي البلية وأصله الستر ومنه المجن الترس والاستحواذ الاستيلاء على الشيء بالاقتطاع له وأصله من حاذه يحوذه حوذاً مثل حازه يحوزه حوزاً. المعنى: ثم ذكر سبحانه تمام الخبر عن المنافقين فقال { اتخذوا أيمانهم } التي يحلفون بها { جنة } أي سترة وترساً يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة { فصدوا } نفوسهم وغيرهم { عن سبيل الله } الذي هو الحق والهدى { فلهم عذاب مهين } يهينهم ويذلهم ويخزيهم. { لن تغني عنهم أموالهم } التي جمعوها { ولا أولادهم } الذين خلفوهم { من الله شيئاً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ظاهر المعنى. { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له } أي يقسمون لله { كما يحلفون لكم } في دار الدنيا بأنهم كانوا مؤمنين في الدنيا في اعتقادهم وظنهم لأنهم كانوا يعتقدون أن ما هم عليه هو الحق { ويحسبون أنهم على شيء } أي ويحسب المنافقون في الدنيا أنهم مهتدون لأن في الآخرة تزول الشكوك وقال الحسن: في القيامة مواطن فموطن يعرفون فيه قبح الكذب ضرورة فيتركونه وموطن يكونون فيه كالمدهوش فيتكلمون بكلام الصبيان الكذب وغير الكذب ويحسبون أنهم على شيء في ذلك الموضع الذي يحلفون فيه بالكذب { ألا أنهم هم الكاذبون } في أيمانهم وأقوالهم في الدنيا. وقيل: معناه أولئك هم الخائبون كما يقال: كذب ظنه أي خاب أمله. { استحوذ عليهم الشيطان } أي استولى عليهم وغلب عليهم لشدة اتباعهم إياه { فأنساهم ذكر الله } حتى لا يخافون الله ولا يذكرونه { أولئك حزب الشيطان } أي جنوده { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } يخسرون الجنة ويحصل لهم بدلها النار. { إن الذين يحادون الله ورسوله } أي يخالفونه في حدوده ويشاقونه وهم المنافقون { أولئك في الأذلين } فلا أحد أذل منهم في الدنيا ولا في الآخرة قال عطاء: يريد الذل في الدنيا والخزي في الآخرة. { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } أي كتب الله في اللوح المحفوظ وما كتبه فلا بد من أن يكون أجرى قوله كتب الله مجرى القسم فأجابه بجواب القسم قال الحسن: ما أمر الله نبياً قط بحرب إلا غلب إما في الحال أو فيما بعد وقال قتادة: كتب الله كتاباً فأمضاه لأغلبن أنا ورسلي ويجوز أن يكون المعنى قضى الله ووعد لأغلبن أنا ورسلي بالحجج والبراهين وإن جاز أن يُغلب بعضهم في الحرب { إن الله قوي عزيز } أي غالب قاهر لمن نازع أولياءه ويروى أن المسلمين قالوا لما رأوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحنّ الله علينا الروم وفارس فقال المنافقون: أتظنون أن فارساً والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها فأنزل الله هذه الآية.

السابقالتالي
2