الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

القراءة: قرأ عاصم وحده { في المجالس } على الجمع والباقون في المجلس على التوحيد وقرأ أهل المدينة وابن عامر وعاصم غير يحيى مختلف عنه قيل { انشزوا فانشزوا } بالضم والباقون بالكسر. الحجة: قال أبو علي: في المجلس زعموا أنه مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان كذلك فالوجه الإفراد ويجوز أن يجمع على هذا على أن يجعل لكل جالس مجلس أي موضع جلوس ويكون المجلس على إرادة العموم مثل قولهم كثر الدينار والدرهم فيشتمل على هذا جميع المجالس ومثله قولهإن الإنسان لفي خسر } [العصر: 2] وقوله { انشزوا } أي قوموا والنشز المرتفع من الأرض قال:
تَـرَى الثَّعْلَبَ الحَوْلِيَّ فيها كَأَنَّهُ   إِذا ما عَلا نَشْز أحِصانٌ مُجَلَّلُ
ومنه نشوز المرأة على زوجها وينشُز وينشِز مثل يعكف ويعكف ويعرش ويعرش. اللغة: التفسح الاتساع في المكان والتفسح والتوسّع واحد وفسح له في المجلس يفسح فسحاً ومكان فسيح وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان فسيح ما بين المنكبين أي بعيد ما بينهما لسعة صلبه والإشفاق الخوف ورقة القلب والنشوز الارتفاع عن الشيء بالذهاب عنه. النزول: قال قتادة: كانوا يتنافسون في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض وقال المقاتلان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة وفي المكان ضيق وذلك يوم الجمعة وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء أناس من أهل بدر وفيهم ثابت بن قيس بن شماس وقد سبقوا في المجلس فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: " قم يا فلان قم يا فلان " بقدر النفر الذين كانوا بين يديه من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف الكراهية في وجوههم وقال المنافقون للمسلمين: ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس فوالله ما عدل على هؤلاء إن قوماً أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فأقامهم وأجلس من أبطأ عنهم مقامهم فنزلت الآية. وأما قوله { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا } الآية فإنها نزلت في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته فأمر الله سبحانه بالصدقة عند المناجاة فلما رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته فنزلت آية الرخصة عن مقاتل بن حيان وقال أمير المؤمنين صلوات الرحمن عليه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول } الآية كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت درهماً فنسختها الآية الأخرى { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } الآية فقال صلوات الله عليه بي خفف الله عن هذه الأمة ولم ينزل في أحد قبلي ولم ينزل في أحد بعدي.

السابقالتالي
2 3