الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وحده { ما تكون } بالتاء والباقون بالياء وقرأ يعقوب وسهل ولا أكثر بالرفع والباقون بالنصب وقرأ حمزة ورويس عن يعقوب ينتجون والباقون { يتناجون } وقرأ رويس أيضاً فلا تنتجوا. الحجة: قال ابن جني: التذكير في قوله { ما يكون من نجوى ثلاثة } هو الوجه لما هناك من الشياع وعموم الجنسية كقولك ما جاءني من امرأة وما حضرني من جارية وأما تكون بالتاء فلاعتزام لفظ التأنيث حتى كأنه قال: ما تكون نجوى ثلاثة وقوله ولا أكثر بالرفع معطوف على محل الكلام قبل دخول من فإن قوله من نجوى في محل رفع بأنه فاعل يكون ومن زائدة والقراءة الظاهرة أكثر بالفتح في موضع الجر. وقوله { يتناجون } يفتعلون من النجوى والنجوى مصدر كالدعوى والعدوى ومثل ذلك في أنه على فعلى التقوى إلا أن الواو فيها مبدلة وليست بلام ولما كان مصدراً وقع للجمع على لفظ الواحد في قوله تعالىإذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى } [الإسراء: 47] أي هم ذوو نجوى وقوله { ما يكون من نجوى ثلاثة } قال أبو علي: ثلاثة يحتمل جره أمرين أحدهما: أن يكون مجروراً بإضافة نجوى إليه كأنه ما يكون من أسرار ثلاثة إلا هو رابعهم أي لا يخفى عليه ذلك كما قال:ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم } [التوبة: 78] ويجوز أن يكون ثلاثة جرا على الصفة على قياس قوله تعالى { وإذ هم نجوى } فيكون المعنى ما يكون من متناجين ثلاثة وأما النجي فصفة تقع على الكثرة كالصديق والرفيق والحميم ومثله الغري وفي التنزيلخلصوا نجياً } [يوسف: 80] وأما قول حمزة ينتجون وقول سائرهم متناجون فإن يفتعلون ويتفاعلون قد يجريان مجرى واحد ومن ثم قالوا: ازدوجوا واعتوروا فصححوا الواو وإن كانت على صورة يجب فيها الاعتلال لما كان بمعنى تعاوروا وتزاوجوا كما صح عور وحول لما كان بمعنى أفعالّ ويشهد لقراءة حمزة " قول النبي صلى الله عليه وسلم في علي صلوات الرحمن عليه لما قال: له بعض أصحابه أتناجيه دوننا قال: " ما أنا انتجيته بل الله انتجاه ". اللغة: النجوى هي إسرار ما يرفع كل واحد إلى آخر وأصله من النجوة الارتفاع من الأرض والنجاء والارتفاع في السير والنجاة الارتفاع من البلاء. الإعراب: { هو رابعهم } مبتدأ وخبر في محل جر بأنه صفة ثلاثة وتقول فلان رابع أربعة إذا كان واحد أربعة ورابع ثلاثة إذا جعل ثلاثة أربعة بكونه معهم ويجوز على هذا أن يقال: رابع ثلاثة ولا يجوز رابع أربعة لأنه ليس فيه معنى الفعل. { حسبهم جهنم } مبتدأ وخبر { ويصلونها } في موضع نصب على الحال. النزول: قال ابن عباس: نزل قوله { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } الآية في اليهود والمنافقين أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو مصيبة أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم فلما طال ذلك شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فنزلت الآية.

السابقالتالي
2 3