الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

القراءة: قرأ أبو عمرو { بما أتاكم } مقصوراً والباقون بالمد وقرأ أهل المدينة والشام { فإن الله الغني الحميد } لأنهم وجدوا في مصاحفهم كذلك والباقون { فإن الله هو الغني } بإثبات هو وكذلك هو في مصاحفهم. الحجة: قال أبو علي: حجة من قصر أتيكم أنه معادل به فاتكم فكما أن الفعل للفائت في قوله { فاتكم } فكذلك للآتي في قوله بما آتيكم قال الشاعر:
وَلا فَــرِحٌ بِخَيْــرٍ إنْ أتــاهُ   وَلاجَزِعٌ مِنَ الْحَدَثانِ لاعِ
وحجة من مدّ أن الخير الذي يأتيهم هو من عند الله وهو المعطي لذلك وفاعل آتاكم هو الضمير العائد إلى اسم الله والهاء محذوفة من الصلة تقديره بما آتاكموه وقوله { إن الله هو الغني الحميد } ينبغي أن يكون هو فصلاً ولا يكون مبتدأ لأن الفصل حذفه أسهل ألا ترى أنه لا موضع للفصل من الإِعراب وقد يحذف فلا يخلّ بالمعنى. اللغة: أعدت مشتقة من العدد والإعداد وضع الشيء لما يكون في المستقبل على ما يقتضيه من عدد الأمر الذي له. الفضل والإفضال واحد وهو النفع الذي كان للقادر أن يفعله بغيره وله أن لا يفعله والأسى الحزن والتأسي تخفيف الحزن بالمشاركة في حاله. الإِعراب: في كتاب يتعلق بمحذف تقديره إلا هي كائنة في كتاب فهو في محل الرفع بأنه خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره ألا قد كتبت في كتاب فيكون الجار والمجرور في موضع نصب على الحال أي لا مكتوبة لكيلا تأسوا تأسوا منصوب بنفس كي واللام هي اللام الجارة، الذين يبخلون في موضع جر على البدل من مختال فخور فعلى هذا لا يجوز الوقف على فخور ويجوز أن يكون محله رفعاً على الابتداء ويكون خبره محذوفاً كما حذف جواب لو من قولهولو أَنّ قرآناً سيّرت به الجبال } [الرعد: 31] ويكون التقدير الذين يبخلون فإنهم يستحقّون العذاب ويجوز أن يكون محله رفعاً أو نصباً على الذم. المعنى: ثم رغب سبحانه في المسابقة لطلب الجنة فقال { سابقوا } أي بادروا العوارض القاطعة عن الأعمال الصالحة وسارعوا إلى ما يوجب الفوز في الآخرة { إلى مغفرة من ربكم } قال الكلبي: إلى التوبة. وقيل: إلى الصف الأول. وقيل: إلى النبي صلى الله عليه وسلم: { وجنة عرضعها كعرض السمآء والأرض } أي وسابقوا إلى استحقاق ثواب جنة هذه صفتها وذكر في ذكر العرض دون الطول وجوه: أحدها: أن عظم العرض يدل على عظم الطول والآخر: أن الطول قد يكون بلا عرض ولا يكون عرض بلا طول وثالثها: أن المراد به أن العرض مثل السماوات والأرض وطولها لا يعلمه إلا الله تعالى قال الحسن: إن الله يفني الجنة ثم يعيدها على ما وصفه فلذلك صح وصفها بأن عرضها كعرض السماء والأرض وقال غيره: إن الله قال: عرضها كعرض السماء والأرض والجنة المخلوقة في السماء السابعة فلا تنافى.

السابقالتالي
2 3 4