الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

القراءة: القراءة في { فيضاعفه } والاختلاف فيه قد مضى ذكره في سورة البقرة وقرأ حمزة { انظرونا } بقطع الهمزة وفتحها وكسر الظاء والباقون انظرونا بهمزة الوصل وضم الظاء وقرأ أبو جعفر وابن عامر ويعقوب { لا تؤخذ منكم } بالتاء والباقون بالياء وفي الشواذ قراءة سهل بن شعيب وبإيمانهم بكسر الهمزة وقراءة سماك بن حرب { وغركم بالله الغرور } بضم الغين. الحجة: قال أبو علي: النظر هو تقليب العين إلى الجهة التي فيها المرئي والمراد رؤيته ومما يدل على ذلك قوله:
فَيا مَــيَّ هَـــلْ يُجْـــزِي بُكَائِي بِمِثْلِهِ   مِـراراً وَأَنْفاسِـــي إلَيْــكَ الزَّوافِرُ
وَإِنِّي مَتى أُشْرِفُ عَلَى الْجوانِبِ الَّذي   بِهِ أَنْــتَ مِـــنْ بَيْنِ الْجَوانِــبِ نَاظِرُ
فلو كان النظر الرؤية لم يطلب عليه الجزاء لأن المحب لا يستثيب من النظر إلى محبوبه شيئاً بل يريد ذلك ويتمناه ويدل على ذلك قولِ الآخر:
وَنَظْـــرَةِ ذِي شَجَـــنٍ وامِقٍ   إذا مَا الرَّكائِبُ جاوَزْنَ ميلا
وأما قوله تعالى { ولا ينظر إليهم يوم القيامة } فالمعنى أنه سبحانه لا ينيلهم رحمته وقد تقول نظر إليّ فلان إذا كان ينيلك شيئاً ويقول القائل انظر إليّ نظر الله إليك يريد أنلني خيراً أنالك الله ونظرت فعل يستعمل وما تصرف منه على ضروب أحدها: أن تريد به نظرت إلى الشيء فتحذف الجار وتوصل الفعل ومن ذلك ما أنشده أبو الحسن:
ظاهِراتِ الْجَمالِ وَالحُسْنِ يَنْظُرْنَ   كَمــــا يَنْظُــــرُ الأَراكَ الظِّبــــاءُ
والمعنى ينظرن إلى الأراك فحذف الجار والآخر أن تريد به تأملت وتدبرت وهو فعل غير متعد فمن ذلك قولهم اذهب فانظر زيداً أبو من هو فهذا يراد به التأمل ومن ذلك قوله انظر كيف ضربوا لك الأمثال وانظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وقد يتعدى هذا بالجار كقولهأفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } [الغاشية: 17] فهذا خص على التأمل وقد يتعدى هذا يعني نحو قولهأولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض } [الأعراف: 185]. فأما قول أمرئ القيس:
فَلَمْا بَدا حوْرانُ وَالآلُ دُونَهُ   نَظَرْتَ فَلَمْ تَنْظُرْ بِعَيْنِك مَنْظرا
فيجوز أن يكون نظرت لم تر بعينك منظراً إلى الآل وقد جوز أن يعني بالنظر الرؤية على الاتساع لأن تقليب البصر نحو المبصر تتبعه الرؤية وقد يجري على الشيء لفظ ما يتبعه ويقترن به كقولهم للمزادة راوية ولِلقناء عُذرة وقد يكون نظرت فلم تنظر مثل تكلمت ولم تتكلم أي لم تأت بكلام على حسب ما يراد فكذلك نظرت فلم تنظر بعينك منظراً كما تريد أو لم ترَ منظراً يروق وضرب آخر من نظرت هو أن تريد به انتظرته من ذلك قوله غير ناظرين إناه ومثله قول الفرزدق:
نَظَرْتُ كَمَا انْتَظَرْتُ اللهَ حَتَّى   كَفــاكَ الماحِليــنَ لَكَ الْمِحالاَ
يريد انتظرت كما انتظرت وقد يكون أنظرت في معنى انتظرت تطلب بقولك أنظرني التنفيس الذي يطلب بالانتظار فمن ذلك قوله:

السابقالتالي
2 3 4