الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

المعنى: { سبح لله } أي نزهه وأثنى عليه بما هو أهله وبرّأه من كل سوء { ما في السماوات والأرض } قال مقاتل: يعني كل شيء من ذي الروح وغيره وكل خلق فيهما ولكن لا تفقهون تسبيحهم وتحقيقه أن العقلاء يسبحونه قولاً واعتقاداً ولفظاً ومعنى وما ليس بعاقل من سائر الحيوانات والجمادات فتسبيحه ما فيه من الأدلة الدالة على وحدانيته وعلى الصفات التي باين بها جميع خلقه وما فيه من الحجج على أنه لا يشبه خلقه وأن خلقه لا يشبهه فعبَّر سبحانه عن ذلك بالتسبيح ويجوز أن تكون ما ها هنا بمعنى من كما حكى أبو زيد عن أهل الحجاز أنهم كانوا إذا سمعوا الرعد قالوا: سبحان ما سبحت له فيكون واقعاً على العقلاء من الملائكة والجن والإنس. { وهو العزيز الحكيم } أي القادر الذي لا يمتنع عليه شيء المحكم لأفعاله العليم بوجوه الصواب في التدبير. { له ملك السماوات والأرض } أي له التصرف في جميع ما في السماوات والأرض من الموجودات بما يشاء من التصرف وليس لأحد منعه منه وذلك هو الملك الأعظم فإن كل ما يملكه من عداه فإنه سبحانه هو الذي ملكه إياه وله منعه منه { يحيي ويميت } أي يحيي الأموات للبعث ويميت الأحياء في الدنيا. وقيل: يحيي الأموات بأن يجعل النطفة وهي جماد حيواناً ويميت الأحياء إذا بلغوا آجالهم التي قدرها لهم { وهو على كل شيء قدير } يقدر على المعدومات بإيجادها وإنشائها وعلى الموجودات بتغييرها وإفنائها وعلى أفعال العباد ومقدوراتهم بالإقدار عليها وسلبهم القدرة عليها. { هو الأول } أي أول الموجودات وتحقيقه أنه سابق لجميع الموجودات بما لا يتناهى من تقدير الأوقات لأنه قديم وما عداه محدث والقديم يسبق المحدث بما لا يتناهى من تقدير الأوقات { والآخر } بعد فناء كل شيء لأنه يفني الأجسام كلها وما فيها من الأعراض ويبقى وحده ففي هذا دلالة على فناء الأجسام. وقيل: الأول قبل كل شيء بلا ابتداء والآخر بعد كل شيء بلا انتهاء فهو الكائن لم يزل والباقي لا يزال { والظاهر } وهو الغالب العالي على كل شيء فكل شيء دونه. { والباطن } العالم بكل شيء فلا أحد أعلم منه عن ابن عباس. وقيل: الظاهر بالأدلة والشواهد والباطن الخبير العالم بكل شيء. وقيل: معنى الظاهر والباطن أنه العالم بما ظهر والعالم بما بطن. وقيل: الظاهر بأدلته والباطن من إحساس خلقه. وقيل: الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء والظاهر بلا اقتراب والباطن بلا احتجاب. وقيل: الأول ببره إذ هداك والآخر بعفوه إذ قبل توبتك والظاهر بإحسانه وتوفيقه إذا أطعته والباطن بستره إذا عصيته عن السدّي. وقيل: الأول بالخلق والآخر بالرزق والظاهر بالإحياء والباطن بالإماتة عن ابن عمر.

السابقالتالي
2