الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم بموقع النجوم بغير ألف والباقون بمواقع النجوم على الجمع وروى بعضهم عن عاصم أنكم تكذبون بالتخفيف والقراءة المشهورة بالتشديد وفي الشواذ قراءة الحسن والثقفي فلا قسم بخير ألف وقراءة علي ع وابن عباس ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: " وتجعلون شكركم ". الحجة: قال أبو عبيدة: { فلا أقسم بمواقع النجوم } أي فاقسم ومواقعها مساقطها حيث تغيب وقال: غيره: إنه مواقع القرآن حين نزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً فأما الجمع في ذلك وإن كان مصدراً فلاختلاف ذلك فإن المصادر وسائر الأجناس إذا اختلفت جاز جمعها ومن قرأ بموقع فأفرد فلأنه اسم جنس ومن قرأ تكذبون فالمعنى تجعلون رزقكم الذي رزقكموه الله فيما قال { وأنزلنا من السمآء مآء مباركاً } إلى قوله { رزقاً للعباد } وقال: وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم أنكم تكذبون في أن تنسبوا هذا الرزق إلى غير الله تعالى فتقولون مطرنا بنوء كذا فهذا وجه التخفيف ومن قرأ تكذّبون فالمعنى أنكم تكذبون بالقرآن لأن الله تعالى هو الذي رزقكم ذلك على ما جاء في قوله تعالى { رزقاً للعباد } فتنسبونه أنتم إلى غيره فهذا تكذيبكم بما جاء به التنزيل. وأما ما روي من قوله: " وتجعلون شكركم " فالمعنى تجعلون مكان الشكر الذي يجب عليكم التكذيب وقد يكون المعنى وتجعلون شكر رزقكم التكذيب فحذف المضاف وقال ابن جني: هو على وتجعلون بدل شكركم ومثله قول العجاج:
رَبَّيْتُـــهُ حَتَّــى إذا تَمَعْــــدَدا   كانَ جَزائِي بِالْعَصا أَنْ أُجْلَدا
أي كان بدل جزائي الجلد بالعصا وأما قوله فلأقسم فالتقدير لأنا أقسم وهو فعل الحال يدل على ذلك أن جميع ما في القرآن من الأقسام إنما هو حاضر الحال لا وَعْدُ الإقسام كقولهوالتين والزيتون } [التين: 1] ووالشمس وضحاها } [الشمس: 1] ولذلك حملت لا على الزيادة في قوله { فلا أقسم بمواقع النجوم } ونحوه نعم ولو أريد به الفعل المستقبل للزمت منه النون فقيل لأقسمن. اللغة: القسم جملة من الكلام يؤكد بها الخبر بما يجعله في قسم الصواب دون الخطأ والعظيم هو الذي يقصر مقدار ما يكون من غيره عما يكون منه وهو ضربان عظيم الشخص وعظيم الشأن والكريم هو الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير فلما كان القرآن من شأنه أن يعطي الخير الكثير بأدلته المؤدية إلى الحق كان كريماً على حقيقة معنى الكريم لا على التشبيه بطريق المجاز والكريم في صفات الله تعالى من الصفات النفسية التي يجوز أن يقال فيها لم يزل كريماً لأن حقيقته تقتضي ذلك من جهة أن الكريم هو الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير صح أن يقال: إنه لم يزل كريماً والمدهن الذي يجري في الباطن على خلاف الظاهر كالدهن في سهولة ذلك عليه والإسراع فيه يقال: أدهن يدهن وداهن يداهن مثل نافق والدين هو الجزاء ومنه قولهم كما تدين تدان أي كما تجزي تجزى والدين العمل الذي يستحق به الجزاء.

السابقالتالي
2 3