الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

القراءة: قرأ أبن كثير { نحن قدرنا } بالتخفيف والباقون { قدرنا } بالتشديد وقرأ أبو بكر { ءإنا لمغرمون } بهمزتين والباقون بهمزة واحدة. الحجة: قال أبو علي: قدرنا في معنى قدرنا ويدل عليه قوله:
وَمُفْرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها   فَخَـرَّتْ كضما تَتَّايَعُ الرّيحُ بِالقَفْلِ
والمعنى قدرت ضربي لساقها فضربتها فخرت ومثله في المعنى:
فَإِنْ تَعْتَـــذِر بِالمَحْـــلِ مِـنْ ذي ضُرُوعِها   عَلَى الضَّيْفِ نَجْرَحُ في عَراقِيبِها نَصْلي
اللغة: يقال أمنى يمني ومنى يمني بمعنى ومنه قراءة أبي السماك تمنون بفتح التاء والأصل من المنى وهو التقدير قال الشاعر:
لا تَأْمَنَنَّ وإِنْ أَمْسَيْتَ في حَرَمٍ   حَتَّـى تُلاقِيَ ما يَمْني لَكَ الماني
ومنه المنية لأنها مقدرة تأتي على مقدار والحطام الهشيم الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء وأصل الحطم الكسر والحطم السواق بعنف يحطم بعضها على بعض قال:
قد لَفَّهَا اللَّيْلَ بِسَوّاقٍ حُطَمْ   
والتفكه أصله تناول ضروب الفواكه للأكل والفكاهة المزاح ومنه حديث زيد كان من أفكه الناس مع أهله ورجل فكه طيب النفس والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض وأصل الباب اللزوم والغرام العذاب اللازم قال الأعشى:
إِنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَراماً وَإِذن يُعْـ   ـطِ جَزيـــلاً فَإِنَّــــهُ لا يُبالِـــــي
والنار مأخوذة من النور قال الحارث:
فَتَنَـــوَّرْتُ نارَهـــا مِنْ بَعيـــــدٍ   بَخَزازي هَيْهاتَ مِنْكَ الصَّلاءُ
والإيراء إظهار النار بالقدح يقال أورى يوري ووريت بك زنادي أي أضاء بك أمري ويقال قدح فأورى إذا أظهر النار فإذا لم يور قيل قدح فأكبى والمقوى النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد وأقوت الدار خلت من أهلها قال النابغة:
أَقْوى وَأَقْفَرَ مِنْ نعْمٍ وَغَيَّرها   هُوجُ الرِّياحِ بِها بِي التُّربِ مَوّارُ
وقال عنترة:
حُييتُ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُه   أَقْوى وَأَقْفَــرَ بَعْدَ أُمّ الهَيْثَمِ
المعنى: ثم احتج سبحانه عليهم في البعث بقوله { نحن خلقناكم } أي نحن خلقناكم ولم تكونوا شيئاً وأنتم تعلمون ذلك عن مقاتل { فلولا تصدقون } أي فهلا تصدقون ولم لا تصدقون بالبعث لأن من قدر على الإنشاء والابتداء قدر على الإعادة. ثم نبههم سبحانه على وجه الاستدلال على صحة ما ذكره فقال { أفرأيتم ما تمنون } أي ما تقذفون وتصبّون في أرحام النساء من النطف فيصير ولداً { ءأنتم تخلقونه } أي ءانتم تخلقون ما تمنون بشراً { أم نحن الخالقون } فإذا لم تقدروا أنتم وأمثالكم على ذلك فاعلموا أن الله سبحانه الخالق لذلك وإذا ثبت أنه قادر على خلق الولد من النطفة وجب أن يكون قادراً على إعادته بعد موته لأنه ليس بأبعد منه. ثم بيّن سبحانه أنه كما بدأ الخلق فإنه يميتهم فقال { نحن قدرنا بينكم الموت } التقدير ترتيب الأمر على مقدار أي نحن أجرينا الموت بين العباد على مقدار كما تقتضيه الحكمة فمنهم من يموت صبياً ومنهم من يموت شاباً ومنهم من يموت كهلاً وشيخاً وهرماً عن مقاتل.

السابقالتالي
2 3