الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً }

القراءة: قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي { وحور عين } بالجر والباقون بالرفع وفي الشواذ قراءة ابن أبي إسحاق { ولا ينزفون } بفتح الياء وكسر الزاي وقراءة أبي بن كعب وابن مسعود وحوراً عيناً. الحجة: قال أبو علي: وجه الرفع في وحور عين أنه لما قال { يطوف عليهم ولدان مخلدون } دل هذا الكلام وما ذكر بعد على أن لهم فيها كذا وكذا ولهم فيها حور عين وكذلك من نصب حمل على المعنى لأن الكلام دل على يمنحون ويملكون وهذا مذهب سيبويه ويجوز أن يحمل الرفع على قوله { على سرر موضونة } والتقدير وعلى سرر موضونة حور عين أو وحور عين على سرر موضونة لأن الوصف قد جرى عليهن فاختصصن فجاز أن يرفع بالابتداء ولم يكن كالنكرة إذا لم يوصف نحو فيها عين وقوله { على سرر موضونة } خبر لقوله تعالى { ثلة من الأولين وقليل من الآخرين } فكذلك يجوز أن يكون خبراً عنهن ويجوز في ارتفاع وحور عين أن يكون عطفاً على الضمير في متكئين ولم يؤكد لكون طول الكلام بدلاً من التأكيد وبجوز أيضاً أن يعطفه على الضمير في متقابلين ولم يؤكد لطول الكلام أيضاً وقد جاء ما أشركنا ولا آباؤنا فهذا أجدر. وقال الزجاج: الرفع أحسن الوجهين لأن معنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بهذه الأشياء أنه قد ثبت لهم ذلك فكأنه قال: ولهم حور عين ومثله مما حمل على هذا المعنى قول الشاعر:
بادَتْ وَغَيَّرَ آيَهُنَّ مَعَ البِلى   إلاَّ رَواكِــد جَمْــرُهُـنَّ هَباءُ
ثم قال بعده:
وَمُشَجَّــجٌ أَمَّا سَـواءُ قَذالِهِ   فَبَدا وَغَيَّرَ سارَهُ المِعْزاءُ
لأنه لما قال: إلا رواكد كان المعنى بها رواكد فحمل ومشجج على المعنى. وقال غيره: تقديره وهناك حور عين قال أبو علي: وجه الجران يكون يحمله على قوله { أولئك المقربون في جنات النعيم } التقدير أولئك المقربون في جنات النعيم وفي حور عين أي وفي مقاربة حور عين أو معاشرة حور عين فحذف المضاف فإن قلت: فلم لا تحمله على الجار في قوله تعالى { يطوف عليهم ولدان مخلدون } بكذا وبحور عين فهذا يمكن أن يقال إلا أن أبا الحسن قال: في ذا بعض الوحشة قال ابن جني: نزف البئر ينزفها نزفاً إذا استقى ماؤها وأنزفت الشيء إذا أفنيته قال الشاعر:
لَعَمْريَ لَئنْ أَنْزَفْتُمُ أَوْ صَحَوْتُمُ   لَبِــئْسَ النَّدامَــى كُنْتُـمُ آلَ أَبْجَرَا
المعنى: ثم أخبر سبحانه أن { يطوف عليهم ولدان } أي وُصفاء وغلمان للخدمة { مخلدون } أي باقون لا يموتون ولا يهرمون ولا يتغيرون عن مجاهد. وقيل: مقرطون والخلَدَ القرط يقال: خلَّد جاريته إذا حلاها بالقرطة عن سعيد بن جبير والفراء واختلف في هذه الولدان فقيل: إنهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا فأنزلوا هذه المنزلة عن علي ع والحسن وقد

السابقالتالي
2