الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } * { وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } * { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } * { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

القراءة: قرأ أهل المدينة والبصرة يخرج منهما بضم الياء وفتح الراء والباقون يخرج بفتح الياء وضم الراء وقرأ حمزة ويحيى عن أبي بكر المنشئات بكسر الشين والباقون بفتح الشين. الحجة: قال أبو علي من قرأ يُخرج كان قوله بيّناً لأن ذلك إنما يُخرج ولا يخرج بنفسه ومن قرأ يخرج جعل الفعل للؤلؤ والمرجان وهو اتساع لأنه إذا خرج ذلك فقد خرج وقال يخرج منهما اللؤلؤ ولم يقل من أحدهما على حذف المضاف كما قالعلى رجل من القريتين عظيم } [الزخرف: 31] على ذلك وقال أبو الحسن زعم قوم أنه يخرج من العذاب أيضاً والمرجان صغار اللؤلؤ واحدها مرجانة قال ذو الرمة:
كَأَنَّ عُرَى الْمَرْجانِ مِنْهَا تَعَلَّقَتْ   عَلى أُمّ خَشْفٍ مِنْ ظِباءِ الْمَشاقِرِ
والمنشآت المجردات المرفوعات فمن فتح الشين فلأنها أنشئت وأجريت ولم تفعل ذلك أنفسها ومن قرأ المنشئات نسب الفعل إليها على الاتساع كما يقال: مات زيد ومرض عمرو ونحو ذلك مما يضاف الفعل إليه إذا وجد فيه وهو في الحقيقة لغيره وكان المعنى المنشئات السير فحذف المفعول للعلم به وإضافة السير إليها اتساع أيضاً لأن سيرها إنما يكون في الحقيقة بهبوب الريح أو دفع الصراري. اللغة: الصلصال الطين اليابس الذي يسمع منه صلصلة والفخار الطين الذي طبخ بالنار حتى صار خزفاً والمارج المضطرب المتحرك. وقيل: المختلط مرج الأمر أي اختلط ومرجت عهود القوم وأماناتهم قال الشاعر:
مَــرَجَ الدَّيــنُ فأَعْـــدَدْتُ لَـهُ   مُشْرِفُ الحارِكِ مَحْبُوكَ الْكَتَدْ
ومرج الدابة في المرعى إذا خلاها لترعى والبرزخ الحاجز بين الشيئين والجواري السفن لأنها تجري في الماء واحدتها جارية ومنه الجارية للمرأة الشابة لأنها يجري فيها ماء الشباب والأعلام الجبال واحدها علم قالت الخنساء:
وإنَّ صَخْراً لَتَأتَمُّ الْهَدَاةُ بِهِ   كَأَنَّــــهُ عَلَــمٌ في رَأسِهِ نارُ
وقال جرير:
إذا قطعن علماً بدا علما   
والفناء انتفاء الأجسام والصحيح أنه معنى يضاد الجواهر باق لا ينتفي إلا بضد أو ما يجري مجرى الضد وضده الفناء. المعنى: ثم قال سبحانه عاطفاً على ما تقدم من الأدلة على وحدانيته والإِبانة عن نعمه على خلقه فقال { خلق الإِنسان } يعني به آدم. وقيل: جميع البشر لأن أصلهم آدم ع { من صلصال } أي طين يابس. وقيل: حمأ منتن ويحتمل الوجهين جميعاً لأنه كان حمأ مسنوناً ثم صار يابساً { كالفخار } أي كالآجر والخزف. { وخلق الجآن } أي أبا الجن قال الحسن هو إبليس أبو الجن وهو مخلوق من لهب النار كما أن آدم ع مخلوق من طين { من مارج من نار } أي من نار مختلط أحمر وأسود وأبيض عن مجاهد. وقيل: المارج الصافي من لهب النار الذي لا دخان فيه. { فبأي آلاء ربكما تكذبان } فبأي نعمه تكذبان أيها الثقلان أي أبأن خلقكما من نفس واحدة ونقلكما من التراب والنار إلى الصورة التي أنتم عليها تكذبان { رب المشرقين ورب المغربين } يعني مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغرب الصيف ومغرب الشتاء.

السابقالتالي
2 3 4