الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } * { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } * { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } * { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

القراءة: قرأ يعقوب عن رويس سنهزم الجمع والباقون سيهزم الجمع وفي الشواذ قراءة أبي السماك أنا كل شيء بالرفع وقراءة زهير والقرقني والأعمش ونهر بضمتين. الحجة: قال ابن جني الرفع في قوله { إنا كل شيء خلقناه } أقوى من النصب وإن كانت الجماعة على النصب وذلك أنه من مواضع الابتداء فهو كقولك زيد ضربته وهو مذهب صاحب الكتاب لأنها جملة وقعت في الأصل خبراً عن المبتدأ في قولك نحن كل شيء خلقناه بقدر فهو كقولك زيد هند ضربها ثم دخلت أنّ فنصبت الاسم وبقي الخبر على تركيبه الذي كان عليه واختيار محمد بن يزيد النصب لأن تقديره إنا فعلنا كذا قال والفعل منتظر بعد أنا فلما دل عليه ما قبله حسن إضماره قال ابن جني وهذا ليس بشيء لأن الأصل في خبر المبتدأ أن يكون اسماً لا فعلاً جزاء منفرداً فما معنى توقع الفعل هنا وخبر إن وأخواتها كأخبار المبتدأ وقوله نُهُر جمع نَهَر فيكون كأُسد وأَسَد ووُثُن وبجوز أن يكون جمع نَهْر كسُقُف وسَقْف ورُهُن ورَهْن. المعنى: ثم خوَف سبحانه كفار مكة فقال { أكفاركم خير } وأشد وأقوى { من أولٰئكم } الذين ذكرناهم وقد أهلكناهم وهذا استفهام إنكاري أي لستم أفضل من قوم نوح وعاد وثمود لا في القوة ولا في الثروة ولا في كثرة العدد والعدة والمراد بالخير ما يتعلق بأسباب الدنيا لا أسباب الدين والمعنى أنه إذا هلك أولئك الكفار فما الذي يؤمّنكم أن ينزل بكم ما نزل بهم { أم لكم برآءة في الزبر } أي ألكم براءة من العذاب في الكتب السالفة أنه لن يصيبكم ما أصاب الأمم الخالية. { أم يقولون نحن جميع منتصر } أي أم يقول هؤلاء الكفار نحن جميع أمرنا ننتصر من أعدائنا عن الكلبي والمعنى أنهم يقولون نحن يد واحدة على من خالفنا ننتصر ممن عادانا فيدلون بقوتهم واجتماعهم ووحد منتصر للفظ الجميع فإنه واحد في اللفظ وإن كان اسماً للجماعة كالرهط والجيش أي كما أنهم ليسوا بخير من أولئك ولا لهم براءة فكذلك لا جمع لهم يمنع عنهم عذاب الله وينصرهم وإن قالوا نحن مجتمعون متناصرون فلا نرام ولا نقصد ولا يطمع أحد في غلبتنا. ثم قال سبحانه { سيهزم الجمع } أي جمع كفار مكة { ويولون الدبر } أي ينهزمون فيولونكم أدبارهم في الهزيمة ثم أخبر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيظهره عليهم ويهزمهم فكانت هذه الهزيمة يوم بدر فكان موافقة الخبر للمخبر من معجزاته. ثم قال سبحانه { بل الساعة موعدهم } أي أن موعد الجميع للعذاب يوم القيامة { والساعة أدهى وأمر } فالأدهى الأعظم في الدهاء والدهاء عظم سبب الضرر مع شدة انزعاج النفس وهو من الداهية أي البلية التي ليس في إزالتها حيلة والمعنى أن ما يجري عليهم من القتل والأسر يوم بدر وغيره لا يخلصهم من عقاب الآخرة بل عذاب الآخرة أعظم في الضرر وأقطع وأمرّ أي أشد مرارة من القتل والأسر في الدنيا.

السابقالتالي
2 3