الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ } * { فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } * { وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } * { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } * { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ }

القراءة: قرأ أبو عمرو وأتبعناهم بالنون والألف وقطع الهمزة ذرياتهم بالألف وكسر التاء ألحقنا بهم ذرياتهم كذلك وقرأ أهل المدينة وأتبعتهم بالتاء ووصل الهمزة ذريتهم بالرفع ألحقنا بهم ذرياتهم على الجمع وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة وأتبعتهم ذريتهم ألحقنا بهم ذريتهم كذلك وقرأ ابن عامر ويعقوب وسهل أتبعتهم ذرياتهم جمع ألحقنا بهم ذرياتهم أيضاً وقرأ ابن كثير ما ألتناهم بكسر اللام والباقون ألتناهم بفتح اللام وقرأ أهل المدينة والكسائي أنه هو البر الرحيم بالفتح والباقون أنه بالكسر وفي الشواذ قراءة عبد الله وإبراهيم وزوجناهم بعيس عين وقراءة الأعرج وما ألتناهم على أفعلناهم. الحجة: قال أبو علي الذرية تقع على الصغير والكبير فالأول نحو قولهذرية طيبة } [آل عمران: 38] والثاني نحو قولهومن ذريته داود وسليمان } [الأنعام: 84] فإن حملت الذرية في الآية على الصغار كان قوله { بإيمان } في موضع نصب على الحال من المفعولين أي أتبعتهم بإيمان من الآباء ذريتهم ألحقنا الذرية بهم في أحكام الإسلام فجعلناهم في حكمهم في أنهم يرثون ويورثون ويدفنون في مقابر المسلمين وحكمهم حكم الآباء في أحكامهم إلا فيما كان موضوعاً عن الصغير لصغره وإن جعلت الذرية للكبار كان قوله بايمان حالاً من الفاعلين الذين هم ذريتهم أي ألحقنا بهم ذريتهم في أحكام الدنيا والثواب في الآخرة. { وما ألتناهم من عملهم } أي من جزاء عملهم من شيء كما قال فلا تظلم نفس شيئاً وكما قال ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ومن قرأ ذريتهم فأفرد فلأن الذرية تقع على الكثرة فاستغنى بذلك عن جمعه وكذا القول في بهم ذريتهم في أنه أفرد ذريتهم والحق التاء في أتبعتهم لتأنيث الاسم ومن جمعه فلأن المجموع قد يجمع نحو أقوام وطرقات وفي الحديث: " إنّكنّ صواحبات يوسف " ومن قرأ ألتناهم بكسر اللام فيشبه أن يكون فعلنا لغة كما قالوا نَقَم ينقِم ونقِم ينقَم ومن قرأ ندعوه أنه بالفتح فالمعنى لأنه هو البر الرحيم ومن كسر قطع الكلام عما قبله واستأنف قال ابن جني: المرأة العيساء البيضاء ومثله جمل أعيس وناقة عيساء قال كأنها البكرة العيساء ويقال ألته يألته ألتاً وآلته يؤلته إيلاتاً ولاته يليته ليتاً وولته يلته ولتاً أي نقصه قال الحطيئة:
أَبْلــغْ لَدَيْــكَ بَني سَعْدٍ مُغَلْغَلَـةٍ   جَهْدَ الرِّسالَةِ أَلْتاً وَلا كَذِبا
المعنى: لما تقدم وعيد الكفار عقبه سبحانه بالوعد للمؤمنين فقال { إن المتقين } الذين يجتنبون معاصي الله خوفاً من عقابه { في جنات } أي في بساتين تجنّها الأشجار { ونعيم } أي وفي نعيم. { فٰكهين بما أتاهم ربهم } أي متنعّمين بما أعطاهم ربهم من أنواع النعيم. وقيل: فاكهين معجبين بما آتاهم ربهم عن الزجاج والفراء { ووقاهم } أي وصرف عنهم { ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا } أي يقال كلوا واشربوا { هنيئاً بما كنتم تعملون } أكلاً وشرباً هنيئاً مأمون العاقبة من التخمة والسقم.

السابقالتالي
2 3