الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ }

اللغة: ذرت الريح التراب تذروه ذرواً إذا طيرته وأذرته تذريه بمعناه والحبك الطرائق التي تجري على الشيء كالطرائق التي ترى في المساء وفي الصافي من الماء إذا مرت عليه الريح وهو تكسر جار فيه ويفال للشعر الجعد حبك والواحد حباك وحبيكة والحبك حسن أثر الصنعة في الشيء واستواؤه يقال حبكة يحبكه ويحبُكه قال زهير في الحبك:
مُكَلَّــلٌ بِأُصُولِ النَّجْـــمِ تَنْسِجُـهُ   ريحٌ خَريقٌ لِضاحي مائِهِ حبُكُ
والخراص الكذاب والخرص الظن والحدس وسمي الحَزْر حرصاً منه ويقال كم خرص أرضك بكسر الخاء وأصل الخرص القطع من قولهم خرص فلان كلاماً واخترصه إذا اقتطعه من غير أصل والغمرة من غمره الماء يغمره وغمره الدين إذا غطاه بكثرته والغَمْر السيد الكثير العطاء لأنه يغمر بعطائه. الإعراب: قال الزجاج يوم نصب على وجهين أحدهما: أن يكون على معنى يقع الجزاء يومهم على النار يفتنون والآخر: أن يكون لفظة لفظ نصب ومعناه معنى رفع لأنه مضاف إلى جملة كلام تقول يعجبني يوم أنت قائم ويوم أنت تقوم إن شئت فتحته وإن شئت رفعته كما قال الشاعر:
لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ   حَمامَــةٌ فــي غُصُــونٍ ذاتِ أَوْقـالِ
وروي غير أن نطقت بالرفع لما أضاف غير إلى أن وليست بمتمكنة فتح وكذلك لما أضاف يوم إلى الجملة فتح كما قرئ من خزي يومئذٍ ففتح يوم وهو في موضع خفض لأنك أضفته إلى غير متمكن. وقيل: إنه لما جرى في كلامهم ظرفاً بقي في موضع الرفع على ذلك الاستعمال وجاء مفتوحاً كما جاء في قولهومنا دون ذلك } [الجن: 11] وقولهلقد تقطع بينكم } [الأنعام: 94]. المعنى: { والذاريات ذرواً } روي أن ابن الكوا سأل أمير المؤمنين علياً ع وهو يخطب على المنبر فقال ما { الذاريات ذرواً }. قال: الرياح. قال: { فالحاملات وقراً } قال: السحاب قال: { فالجاريات يسرا } قال: السفن قال { فالمقسمات أمراً } قال الملائكة وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد فالذاريات الرياح تذور التراب وهشيم النبت أي تفرقه { فالحاملات وقراً } السحاب تحمل ثقلاً من الماء من بلد إلى بلد فتصير موقرة به والوقر بالكسر ثقل الحمل على ظهر أو في بطن والوقر ثقل الأذن. { فالجاريات يسراً } السفن تجري ميسرة على الماء جرياً سهلاً إلى حيث سيرت. وقيل: هي السحاب تجري يسراً إلى حيث سيرها الله من البقاع. وقيل: هي النجوم السبعة السيارة الشمس والقمر وزحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد. { فالمقسمات أمراً } الملائكة يقسّمون الأمور بين الخلق على ما أمروا به أقسم الله تعالى بهذه الأشياء لكثرة ما فيها من المنافع للعباد ولم تضمنه من الدلالة على وحدانية الله تعالى وبدائع صنعه. وقيل: إن التقدير فيها القسم برب هذه الأشياء لأنه لا يجوز القسم إلا بالله عز اسمه وقال أبو جعفر وأبو عبد الله ع إنه لا يجوز لأحد أن يقسم إلا بالله تعالى والله سبحانه يقسم بما يشاء من خلقه.

السابقالتالي
2 3