الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } * { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

اللغة: الروغ الذهاب إلى الشيء في خفية يقال راغ يروغ روغاً ورَوَغاناً وهو أروغ من ثعلب والصرة شدة الصياح وهو من صرير الباب ويقال للجماعة صرّةٌ أيضاً قال امرؤ القيس:
فَأَلحَقَنــا بِالْهادِيـات ودَونَهُ   جَواحِرُها فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّلِ
والصكّ الضرب باعتماد شديد وهو أن تصتك ركبتا الرجل والعقيم العاقر وأصل العقم الشدّ وجاء في الحديث: " تعقم أصلاب المشركين فلا يستطيعون السجود " أي تشد وداء عقام إذا اشتد حتى إذا يأس منه أن يبرأ ومعاقم الفرس مفاصله يشد بعضها ببعض والعقيم والعقمة ثياب معلمة أي شدت بها الأعلام وعقمت المرأة فهي معقومة وعقيم من نساء عقم وعقمت أيضاً ورجل عقيم من قوم عقمى قال الشاعر:
عَقُمَ النِّساءُ فَما يَلِدْنَ شَبِيهَهُ   إنَّ النِّســاءَ بِمِثْلِـــهِ عُقْـمُ
والريح العقيم التي لا تنشئ السحاب للمطر والملك عقيم يقطع الولادة لأن الأب يقتل الابن على الملك والخطب الأمر الجليل ومنه الخطبة لأنها كلام بليغ لعقد أمر جليل يستفتح بالتحميد والتمجيد والخطاب أجل من الإبلاغ. المعنى: لمّا قدّم سبحانه الوعد والوعيد عقب ذلك بذكر بشارة إبراهيم ومهلك قوم لوط تخويفاً للكفار أن ينزل بهم مثل ما أنزل بأولئك فقال { هل أتاك } يا محمد وهذا اللفظ يستعمل إذا أخبر الإنسان بخبر ماض فيقال هل أتاك خبر كذا وإن علم أنه لم يأته { حديث ضيف إبراهيم المكرمين } عند الله وذلك أنهم كانوا ملائكة كراماً ونظيره قولهبل عباد مكرمون } [الأنبياء: 26]. وقيل: أكرمهم إبراهيم فرفع مجالسهم وخدمهم بنفسه عن مجاهد لأن أضياف الكرام مكرمون وكان إبراهيم أكرم الناس وأظهرهم فتوّة وسماهم ضيفاً من غير أن أكلوا من طعامه لأنهم دخلوا مدخل الأضياف واختلف في عددهم فقيل كانوا اثني عشر ملكاً عن ابن عباس ومقاتل. وقيل: كان جبرائيل ومعه سبعة أملاك عن محمد بن كعب. وقيل: كانوا ثلاثة جبرائيل وميكائيل وملك آخر. { إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً } أي حين دخلوا على إبراهيم فقالوا له على وجه التحية سلاماً أي أسلم سلاماً فقال لهم جواباً عن ذلك سلام وقرئ سلم وهذا مفسر في سورة هود { قوم منكرون } أي قال في نفسه هؤلاء قوم لا نعرفهم وذلك أنه ظنهم من الإنس ولم يعرفهم عن ابن عباس والإنكار نفي صحة الأمر ونقيضه الإقرار والاعتراف. { فراغ إلى أهله } أي ذهب إليهم خفياً وإنما راغ مخافة أن يمنعوه من تكلف مأكول كعادة الظرفاء { فجآء بعجل سمين } وكان مشوياً لقوله في آية أخرى حينئذ قال قتادة وكان عامة مال إبراهيم ع البقر. { فقرَّبه إليهم } ليألكوا فلم يأكلوا فلما رآهم لا يأكلون عرض عليهم { قال ألا تأكلون } وفي الكلام حذف كما ترى. { فأوجس منهم خيفة } أي فلما امتنعوا من الأكل أوجس منهم خيفة والمعنى خاف منهم وظن أنهم يريدون به سوءاً { قالوا } أي قالت الملائكة { لا تخف } يا إبراهيم { وبشّروه بغلام عليم } أي يكون عالماً إذا كبر وبلغ والغلام المبشر به هو إسماعيل عن مجاهد.

السابقالتالي
2