الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } * { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير حفص مثل ما بالرفع والباقون بالنصب. الحجة: قال أبو علي من رفع مثلاً جعله وصفاً لحق وجاز أن يكون مثل وإن كان مضافاً إلى معرفة صفة للنكرة لأن مثلاً لا يختص بالإضافة لكثرة الأشياء التي يقع التماثل بها بين المتماثلين فلما لم تخصه الإضافة ولم يزل عنه الإبهام والشياع الذي كان فيه قبل الإضافة بقي على تنكره فقالوا مررت برجل مثلك فلذلك في الآية لم يتعرف بالإضافة إلى أنكم تنطقون وإن كان قوله إنكم تنطقون بمنزلة نطقكم وما في قوله { مثل ما أنكم تنطقون } زائدة. وأما من نصب فقال مثل ما أنكم فيحتمل ثلاثة أضرب: أحدها: أنه لما أضاف مثل إلى مبني وهو قوله { أنكم } بناه كما بنى يومئذ في نحو قوله { من عذاب يومئذ }.
وعلى حين عاتبت المشيب على الصبي   
وقوله:
لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْها غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ   حَمامَــةٌ فــي غُصُــــونٍ ذاتِ أَوْقالِ
فغير في موضع رفع بأنه فاعل يمنع وإنما بنيت هذه الأسماء المبهمة نحو مثل ويوم وحين وغير إذا أضيفت إلى المبني لأنها تكتسي منه البناء لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه ما فيه من التعريف والتنكير والجزاء والاستفهام تقول هذا غلام زيد وصاحب القاضي فيتعرف الاسم بالإضافة إلى المعرفة وتقول غلام من يضرب فيكون استفهاماً وتقول صاحب من يضرب أضرب فيكون جزاء فمن بنى المبهمة إذا أضافها إلى مبني جعل البناء أحد ما يكتسيه من المضاف إليه ولا يجوز على هذا جاءني صاحب الخمسة عشر ولا غلام هذا لأن هذين من الأسماء غير المبهمة والمبهمة في إبهامها وبعدها من الاختصاص كالحروف التي تدل على أمور مبهمة فلما أضيفت إلى المبنية جاز ذلك فيها والبناء على الفتح في مثل قول سيبويه. والقول الثاني: أن تجعل ما مع مثل بمنزلة شيء واحد وبنيته على الفتح وإن كانت ما زائدة وهذا قول أبي عثمان وأنشد في ذلك قول الشاعر:
وَتَداعــــى مِنْخَــــراهُ بِـــدَمٍ   مِثْلَ ما أَثْمَرَ حُمَّاضُ الْجَبَلْ
فذهب إلى أن مثل مع ما بمنزلة شيء واحد وينبغي أن يكون أثمر صفة لمثل ما لأنه لا يخلو من أن يكون صفة له أو يكون مثلاً مضافاً إلى الفعل فلا تجوز الإضافة لأنا لم نعلم مثلاً أضيف إلى الفعل في موضع فكذلك لا نضيفه في هذا الموضع إلى الفعل فإذا لم تجز الإضافة كان وصفاً وإذا كان وصفاً وجب أن يعود منه إلى الموصوف ذكر فيحذف كما يحذف الذكر العائد من الصفة إلى الموصوف وقد يجوز أن لا يقدّر مثل مع ما كشيء واحد ولكن تجعله مضافاً إلى ما فيكون التقدير مثل شيء أثمره حماض الجبل فبنى مثل على الفتح لإضافتها إلى ما وهو غير متمكن ولا يكون لأبي عثمان حينئذ في البيت حجة على كون مثل مع ما بمنزلة شيء واحد ويجوز أن يكون ما والفعل بمنزلة المصدر فيكون مثل أثمار الحمّاض فيكون كقوله

السابقالتالي
2 3 4