الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز وحمزة وخلف وإدبار بكسر الهمزة والباقون وأدبار السجود بالفتح وفي الشواذ قراءة ابن عباس وأبي العالية ويحيى بن يعمر فنقّبوا في البلاد بكسر القاف وقراءة السدي وألقي السمع وقراءة أبي عبد الرحمن السلمي وطلحة وما مسنا من لغوب بفتح اللام. الحجة: قال أبو علي إدبار مصدر والمصادر تجعل ظروفاً على إرادة إضافة أسماء الزمان إليها وحذفها كقولك جئتك مقدم الحاج وخفوق النجم وخلافة فلان تريد في ذلك كله وقت كذا فكذلك يقدر هنا وقت إدبار السجود إلا أن المضاف المحذوف في هذا الباب لا يكاد يظهر ولا يستعمل فهذا أدخل في باب الظروف من قول من فتح فكأنه أمر بالتسبيح بعد الفراغ من الصلاة ومن فتح جعله جمع دبر أو دبر مثل قفل وإقفال وطُنْب وأطناب وقد استعمل ذلك ظرفاً نحو جئتك في دبر الصلاة وفي إدبار الصلاة قال أوس بن حجر:
علَى دُبُرِ الشَّهْرِ الحَرامِ بِأَرْضِنا   وَمــا حَوْلَها جَــدْبٌ سِنُونَ تَلَمَّعُ
وأما من قرأ فنقبوا فقد قال ابن جني إنه فعلوا من النقب أي أدخلوا وغوروا في الأرض فإنكم لا تجدون لكم محيصاً وقوله أو ألقى السمع معناه أو ألقى السمع منه وقوله { وما مسنا من لغوب } فيمكن أن يكون من المصادر التي جاءت على فعول بفتح الفاء كالوضوء والولوغ والوزوع والقبول وهي صفات مصادر محذوفة أي توضأت وضوءاً أي وضوءاً حسناً وكذلك هذا أي وما مسنا من لغوب لغوب أي تعب متعب. اللغة: الإزلاف التقريب إلى الخير ومنه الزلفة والزلفى وازدلف إليه أي اقترب والمزدلفة منزلة قريبة من الموقف وهو المشعر وجَمْع ومنه قول الراجز:
نــاجِ طَواهُ الأَيْنُ مِمَّا أَوْجَفا   طَـــيَّ اللَّيالــــي زُلَفـاً فَزُلفا
سَماوَةَ الهِلاَلِ حَتَّى احْقَوْقفا   
والتنقيب التفتيح بما يصلح للسلوك وهو من النقب الذي هو الفتح قال امرؤ القيس:
لَقَدْ نَقَّبْــــتُ فِي الآفاقِ حَتَّى   رَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالإِيابِ
أي طوّفّت في طرقها وسرت في نقوبها واللغوب الإعياء. الإعراب: غير بعيد صفة مصدر محذوف تقديره إزلافاً غير بعيد ويجوز أن يكون منصوباً على الحال من الجنة ولم يقل غير بعيدة لأنه في تقدير النسب أي غير ذات بعد وقوله لك أوّاب يجوز أن يكون في موضع رفع بأنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الكل أواب ولا يجوز أن يكون خبراً بعد خبر تقديره هذا الموعود هذا لكل أواب حفيظ ولا يجوز أن تتعلق اللام بتوعدون لأن الأوابين هم الموعودون لا الموعود لهم. من خشي الرحمن يجوز أن يكون في محل جر على البدل من أواب فيتم الكلام عند قوله { وجاء بقلب منيب } ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره محذوف على تقدير يقال لهم ادخلوها فعلى هذا يكون تمام الكلام عند قوله { لكل أواب حفيظ } ويقتضي أن يكون ادخلوها خطاباً للمتقين وتقديره وتزلف الجنة للمتقين ويقال لهم أدخلوها بسلام.

السابقالتالي
2 3