الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } * { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ }

القراءة: في الشاذ قراءة أبي بكر عند خروج نفسه وجاءت سكرة الحق بالموت وهي قراءة سعيد بن جبير وطلحة ورواها أصحابنا عن أئمة الهدى ع. الحجة: قال ابن جني لك في الباء ضربان من التقدير إن شئت علقتها بنفس جاءت كقولك جئت بزيد أي أحضرته وإن شئت علقتها بمحذوف وجعلتها حالاً أي وجاءت سكرة الحق ومعها الموت كقولك خرج بثيابه أي وثيابه عليه ومثله قوله فخرج على قومه في زينته أي وزينته عليه وكقول أبي ذؤيب:
يَعْثُــرْنَ فِي حَــدّ الظُّباةِ كأَنَّما   كُسِيَتْ بُرُودَ بني يَزيدَ الأَذْرُعُ
أي يعثرن وهن في حد الظباة وكقول الآخر:
وَمُسْتَنَّةٍ كاسْتِنانِ الخَرُو   فِ وَقَــدْ قَطَــعَ الحَبْلَ بالمِرْوَدِ
أي قطعة وفيه مروده وكذلك قراءة العامة { وجآءت سكرة الموت بالحق } إن شئت علقت الباء بنفس جاءت وإن شئت علقتها بمحذوف وجاءت سكرة الموت ومعها الحق. اللغة: يقال عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه وتعذر ذلك عليك وأعييت إذا تعبت وكل ذلك من التعب إلا أن أحدهما في الطلب والآخر فيما وقع الفراغ عنه والوريد عرق في الحلق وهما وريدان في العنق عن يمين وشمال وكأنه العرق الذي يردّ إليه ما ينصب من الرأس وحبل الوريد حبل العاتق وهو منفصل من الحلق إلى العاتق والرقيب الحافظ والعتيد المعد للزوم الأمر. المعنى: ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتهديداً للكفار فقال { كذبت قبلهم } من الأمم الماضية { قوم نوح } فأغرقهم الله { وأصحاب الرس } وهم أصحاب البئر التي رسّوا نبيّهم فيها بعد أن قتلوه عن عكرمة. وقيل: الرسّ بئر قتل فيها صاحب ياسين عن الضحاك. وقيل: هم قوم كانوا باليمامة على آبار لهم عن قتادة. وقيل: هم أصحاب الأخدود. وقيل: كان سحق النساء في أصحاب الرس وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله ع { وثمود } وهم قوم صالح { وعاد } وهم قوم هود { وفرعون وإخوان لوط } أي وكذب فرعون موسى وقوم لوط لوطاً وسماهم إخوانه لكونهم من نسبه. { وأصحاب الأيكة } وهم قوم شعيب { وقوم تبّع } وهم تبع الحميري الذي ذكرناه عند قوله أهم خير أم قوم تبع { كل } من هؤلاء المذكورين { كذب الرسل } المبعوثة إليهم وجحدوا نبوتهم { فحق وعيد } أي وجب عليهم عذابي الذي أوعدتهم به فإذا كان مآل الأمم الخالية إذ كذبوا الرسل الهلاك والدمار وإنكم معاشر العرب قد سلكتم مسالكهم في التكذيب والإنكار فحالكم كحالهم في التباب والخسار. ثم قال سبحانه جواباً لقولهم ذلك رجع بعيد { أفعيينا بالخلق الأول } أي أفعجزنا حين خلقناهم أولاً ولم يكونوا شيئاً فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم وهذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بأن الله هو الخالق ثم أنكروا البعث ويقال لكل من عجز عن شيء عيي به ثم ذكر أنهم في شك من البعث بعد الموت فقال { بل هم في لبس من خلق جديد } أي بل هم في ضلال وشك من إعادة الخلق جديداً واللبس منع من إدراك المعنى بما هو كالستر له والجديد القريب الإنشاء.

السابقالتالي
2 3