الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } * { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

اللغة: الشرك أصله الاجتماع في الملك فإذا كان الملك بين نفسين فهما شريكان وكذلك كل شيء بين نفسين ولا يلزم على ذلك ما يضاف إلى كل واحد منهما منفرداً كالعبد يكون ملكاً لله وهو ملك للإنسان لأنه لو بطل ملك الإنسان لكان ملكاً لله كما كان لم يزد في ملكه شيء لم يكن والمس ههنا معناه ما يكون معه إحساس وهو حلوله فيه لأن العذاب لا يمس الحيوان إلا أحس به وقد يكون المس بمعنى اللمس. الإعراب: قال الفراء: { ثالث ثلاثة } لا يكون إلا مضافاً ولا يجوز التنوين في ثالث فينصب ثلاثة وكذلك قولـه:ثاني اثنين إذ هما في الغار } [التوبة: 40] لا يكون إلا مضافاً لأن المعنى مذهب اسم كأنك قلت واحد من اثنين وواحد من ثلاثة ولو قلت: أنت ثالث اثنين جاز الاضافة وجاز التنوين ونصب الاثنين وكذلك رابع ثلاثة لأنه فعل واقع وزاد الزجاج لهذا بياناً فقال: لا يجوز في ثلاثة إلا الخفض لأن المعنى أحد ثلاثة فإن قلت: ثالث اثنين أو رابع ثلاثة جاز الخفض والنصب أما النصب فعلى قولك كان القوم ثلاثة فربعتهم وأنا رابعهم عدداً ومن خفض فعلى حذف التنوين كما قال عز وجلهدياً بالغ الكعبة } [المائدة: 95] وتقديره بالغاً للكعبة وقولـه { وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنَّ } فيه دلالة على اعتماد القسم في مثل قولـهولئن جئتَهُم بآية ليقولن } [الروم: 58] على الفعل الثاني دون الأول ألا ترى أنه لو كان اعتماد القسم على الأول لما حذف اللام من قولـه وإن لم ينتهوا كما لم يحذف اللام الثانية في موضع ومثله في الشعر قول عارق الطائي:
فَأقْسَمْتُ لا أحْتَـــلُّ إلاَّ بِصَهْـوَةٍ   حَرامٍ عَليَّ رَمْلُهُ وَشَقائِقُـهُ
فَإنْ لَمْ تُغَيِّرْ بَعْضَ ما قَدْ صَنَعْتُم   لأنتحِيَنْ لِلْعَظْمِ ذُو أنَا عارِقُه
فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون اعتماد القسم على اللام الأولى إلا أنها حذفت كما حذفت من قولـهقد أفلح من زكاها } [الشمس: 9] فجوابه أن ذلك لا يجوز لأن اللام إنما حذفت من قد أفلح لطول الكلام لما اعترض بين القسم والمقسم عليه ولم يطل في هذا الموضع فيستجاز حذفها وإنما هذه اللام بمنزلة أن في قولك والله إن لو فعلت لفعلت تثبتها تارة وتحذفها أُخرى والقسم لا يعتمد على هذه اللام كما لا يعتمد على أن هذه أنشد سيبويه:
فَأُقْسِمُ أنْ لَوٍّ الْتَقَيْنَا وَأنْتُـــم   لَكانَ لَكُمْ يَوْمٌ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِمُ
فالذي اعتمد عليه أقسم قولـه لكان دون أن ألا ترى أنك تقول أقسمتُ لو جئتَ لجئتُ فتحذف أن كما تحذف هذه اللام فهذه اللام من الزيادات التي إذا أدخلت أكدت وإذا سقطت لم يُخِل سقوطها بالكلام إلا أن زيادتها في القسم دون غيره كما أنّ إنْ تزاد في قولـهم ما أن في النفي دون غيره وعلى هذا فيكون المعقود بالقسم في قولك لئن أتيتني لأكرمتك إنما هو لاكرمتك ولكن الشرط يكون كالاستثناء من هذه الجملة المعقودة بالقسم كأنك أردت أن تقسم على البتات أن تكرمه ثم بدا لك إذا أردت ذلك ثم علقت إكرامك إياه بإتيانه فصار التقدير والله لاكرمتك إن آتيتني أي إن آتيتني لاكرمتك فاستغنيت عن ذكر الجزاء لتقدير تقديم ما يدل عليه فقولك لأن آتيتني متصل بما يدل عليه لا كرمتك من الجزاء هذا الاتصال وهذه الجملة قد لخصتها من كلام الشيخ أبي علي.

السابقالتالي
2 3