الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

القراءة: قرأ نافع وابن عامر ويعقوب والكسائي وحفص والأعشى عن أبي بكر عن عاصم { وأرجلَكم } بالنصب والباقون وأرجلِكم بالجرّ وقد ذكرنا اختلافهم في { لامستم } في سورة النساء وسنذكر ما قيل في أرجلكم على القراءتين في المعنى لأن الكلام فيه يتعلق بما اختلفت فيه الأمة من القول بوجوب غسل الرجلين أو مسحهما أو التخيير بين الغسل والمسح أو وجوب الأمرين كليهما على ما سنبيّنه وإن شاء تعالى. اللغة: الجُنُب يقع على الوحدة والجمع والمذكر والمؤنث كما يقال: رجل عدل وقوم عدل زور وقوم زور. يقال: رجل جنب وقوم جنب ورجلان جنب وأمرأة جنب وإنما هو على تأويل ذو جنب لأنه مصدر والمصدر يقوم مقام ما أضيف إليه ومن العرب من يثني ويجمع ويجعل المصدر بمنزلة اسم الفاعل وأجنب الرجل وجنب واجتنب وأصل الجنابة البعد قال علقمة:
فَلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عَنْ جِنابَـــةٍ   فَإنِّي امْرُؤٌ وَسْطَ الْقُبابِ غَرِيبُ
{ فاطهروا } معناه فتطهروا إلا أن التاء أدغم في الطاء فسكن أول الكلمة فزيد فيها ألف الوصل فقيل اطهروا. المعنى: لمّا تقدَّم الأمر بالوفاء بالعقود ومن جملتها إقامة الصلاة ومن شرائطها الطهارة بيَّن سبحانه ذلك بقولـه: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم على غير طهر وحذف الإرادة لأن في الكلام دلالة على ذلك ومثله قولـه:فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } [النحل: 98]وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } [النساء: 108] والمعنى إذا أردت قراءة القرآن وإذا كنت فيهم فإذا أردت أن تقيم لهم الصلاة وهو قول ابن عباس وأكثر المفسرين. وقيل: معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة فعليكم الوضوء عن عكرمة وإليه ذهب داود قال وكان علي ع يتوضأ لكل صلاة ويقرأ هذه الآية. وكان الخلفاء يتوضؤون لكل صلاة والقول الأول هو الصحيح وإليه ذهب الفقهاء كلهم وما رووه من تجديد الوضوء فمحمول على الندب والاستحباب. وقيل: إن الفرض كان في بدء الإسلام التوضؤ عند كل صلاة ثم نسخ بالتخفيف وبه قال ابن عمر: قال حدثتني أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الغسيل حدثها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء عند كل صلاة فشقّ ذلك عليه فأمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلا من حدث فكان عبد الله يرى أن فرضه على ما كان عليه فكان يتوضأ. وروى سليمان بن بريدة عن أبيه قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة فلما كان عام الفتح صلى الصلاة كلها بوضوء واحد فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله صنعت شيئاً ما كنت تصنعه. قال: " عمداً فعلته يا عمر "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7