الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر يرتدد بِدالَيْن والباقون بدال واحدة مشددة. الحجة: حجة من أدغم أنه لما أسكن الحرف الأول ليدغمه في الثاني وكان الثاني ساكناً حرك المدغم فيه لالتقاء الساكنين وهذه لغة بني تميم وحجة من أظهر أن الحرف المدغم لا يكون إلا ساكناً والمدغم إذا كان ساكناً والمدغم فيه كذلك التقى ساكنان والتقاء الساكنين في هذا النحو ليس من كلامهم فأظهر الحرف الأول وحركه وأسكن الثاني من المثلين وهذه لغة أهل الحجاز. اللغة: الذِل بكسر الذال ضد الصعوبة وبضمها ضد العز يقال ذلول بيّن الذِلّ من قوم أذلة وذليل بيّن الذُلّ من قوم أذلاء والأول من اللين والانقياد والثاني من الهوان والاستخفاف والعزة الشدة يقال عززت فلاناً على أمره أي غلبته عليه والعزاز الأرض الصلبة وعزّ يعزّ الشيء إذا لم يقدر عليه وأصل الباب الامتناع. المعنى: لَمَّا بيَّن تعالى حال المنافقين وأنهم يتربصون الدوائر بالمؤمنين وعلم أن قوماً منهم يرتدون بعد وفاته أعلم أن ذلك كائن وأنهم لا ينالون أمانيهم والله ينصر دينه بقوم لهم صفات مخصوصة تميزوا بها من بين العالمين فقال { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه } أي من يرجع منكم أي من جملتكم إلى الكفر بعد إظهار الإيمان فلن يضر دين الله شيئاً فإن الله لا يخلي دينه من أنصار يحمونه { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } أي يحبهم الله ويحبون الله { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } أي رحماء على المؤمنين غلاظ شداد على الكافرين وهو من الذل الذي هو اللين لا من الذل الذي هو الهوان. قال ابن عباس: تراهم للمؤمنين كالولد لوالده وكالعبد لسيّده وهم في الغلظة على الكافرين كالسبع على فريسته. { يجاهدون في سبيل الله } بالقتال لإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه { ولا يخافون لومة لائم } فيما يأتون من الجهاد والطاعات واختلف فيمن وصف بهذه الأوصاف منهم فقيل هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة عن الحسن وقتادة والضحاك وقيل هم الأنصار عن السدي. وقيل: هم أهل اليمن عن مجاهد. قال: قال رسول الله: " " أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرقّ أفئدة الإيمان يماني والحكمة يمانية " وقال عياض بن غنم الأشعري لما نزلت هذه الآية أومأ رسول الله إلى أبي موسى الأشعري فقال: " هم قوم هذا " وقيل: إنهم الفرس وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فضرب بيده على عاتق سلمان فقال: " " هذا وذووه " ثم قال: " لو كان الدين معلقاً بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس "

السابقالتالي
2