الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ }

القراءة: قرأ ابن عامر وابن كثير ونافع يقول بلا واو والباقون بالواو وكلهم قرأ بضم اللام إلا أبا عمرو فإنه فتحها. الحجة: من حذف الواو من قولـه: { ويقول الذين آمنوا } فلأن في الجملة المعطوفة ذكراً من المعطوف عليها وذلك إن من وَصَفَ بقولـه: { يسارعون } إلى قولـه: { نادمين } هم الذين قال فيهم { الذين آمنوا أهؤلاء الذي أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم } فلما صار في كل واحدة من الجملتين ذكر من لأخرى حسن عطفها بالواو وبغير الواو كما أن قولـه:سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم } [الكهف: 22] لما كان في كل واحدة من الجملتين ذكر مما تقدم اكتفى بذلك عن الواو لأنهما بالذكر وملابسة بعضهما ببعض قد ترتبط إحداهما بالأخرى كما ترتبط بحرف العطف ويدلّك على حسن دخول الواو قولـه تعالى { وثامنهم كلبهم } فحذف الواو من ويقول كحذفها في هذه الآية وإلحاقها كإلحاقها فيها والوجه في قراءة أبي عمرو ويقول بالنصب أن يحمله على أن تكون أن يأتي بدلاً من اسم الله كما كان أن أذكره بدلاً من الهاء في أنسانيه من قولـهوما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } [الكهف: 63] ثم يكون ويقول منصوباً عطفاً على ذلك فكأنه قال: عسى أن يأتي الله بالفتح ويقول: { الذين آمنوا } ومن رفع فحجته أن يعطف جملة على جملة لا مفرداً على مفرد. اللغة: الاتخاذ هو الاعتماد على الشيء لإعداده لأمره وهو افتعال من الأخذ وأصله اتخاذ فأبدلت الهمزة تاء وأدغمتها في التاء التي بعدها ومثله الاتعاد من الوعد والأخذ يكون على وجوه تقول أخذ الكتاب إذا تناوله وأخذ القربان إذا تقبّله وأخذه الله من مأمنه إذا أهلكه وأصله جواز الشيء من جهة إلى جهة من الجهات والأولياء جمع ولي وهو النصير لأنه يلي بالنصر صاحبه والدائرة ههنا الدولة التي تتحوَّل إلى من كانت له عمن في يده قال حميد الأرقط:
كُنْتَ حَسِبْتَ الخَنْدَقَ المَحْفُورا   يَرُدُّ عَنْـــكَ القَدَرَ المَقْدُورا
وَدائِراتِ الدَّهْرِ أنْ تَدُورا   
يعني دول الدهر الدائرة من قوم إلى قوم وعسى موضوعة للشك وهي من الله تعالى تفيد الوجوب لأن الكريم إذا أطمع في خير يفعله فهو بمنزلة الوعد به في تعلق النفس به ورجائها له ولذلك حق لا يضيع ومنزلة لا تخيب والفتح القضا والفصل ويقال للحاكم الفتّاح لأنه يفتح الحكم ويفصل به الأمر. النزول: اختلف في سبب نزوله وإن كان حكمه عاماً لجميع المؤمنين فقال عطية بن سعد العوفي والزهري لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود. آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك بن صيف: أغرّكم أن أصبتم رهطاً من قريش لا علم لهم بالقتال أم لو أمرونا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يدان بقتالنا فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود كثيراً عددهم قوية أنفسهم شديدة شوكتهم وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ولا مولى لي إلا الله ورسوله.

السابقالتالي
2 3