الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

القراءة: المشهور في القراءة مكلبين بالتشديد وروي عن ابن مسعود والحسن مكلبين بالتخفيف. الحجة: إكلاب الكلب هو إغراؤه بالصيد وإيساده يقال: كلب وأكلبته كما يقال أسد وأسدته ويحتمل أن يكون من أكلب الرجل إذا كثرت كلابه كما يقال أمشى إذا كثرت ماشيته والمكلب بالتشديد صاحب الكلاب يقال: رجل مُكَلَّب وكَلاّب إذا كان صاحب صيد بالكلاب. وقيل: هو الذي يُعلّم أخذ الصيد. اللغة: الطيب: هو الحلال وقيل: هو المستلذ والجوارح الكواسب من الطير والسباع والواحدة جارحة وسميت جوارح لأنها تكسب أربابها الطعام بصيدها يقال جرح فلان أهله خيراً إذا كسبهم خيراً وفلان جارحة أهله أي كاسبهم ولا جارحة لفلانة أي لا كاسبة لها قال أعشى بني ثعلبة:
ذاتِ خَدٍّ مُنْصَــحٍ مَبْسَمُها   تَذْكُرُ الجارِحَ ما كانَ اجْتَرَحْ
أي: اكتسب. الإعراب: { ماذا أحلّ لهم } يحتمل أن يكون ما وحدها اسماً وخبرها قولـه ذا واحل من صلة ذا وتقديره أيّ الذي أحل لهم ويحتمل أن تكون ماذا اسماً واحداً مرفوعاً بالابتداء وأحلّ خبره وتقديره أيّ شيء أحلّ لهم { ومكلبين } نصب على الحال أي وما علمتم من الجوارح في حال مصيركم أصحاب كلاب تعلمونهن في موضع نصب أيضاً بأنه حال من { مكلبين } وقولـه: { مما أمسكن عليكم } قيل: إن مِنْ هنا زائدة لأن جميع ما يمسكه مباح كقولـه:وينزل من السماء من جبال فيها من برد } [النور: 43] وتقديره وينزل من السماء جبالاً فيها برد وذكر في هذه الآية غير ذا من الوجوه سنذكرها إذا انتهينا إلى موضعها من الكتاب إن شاء الله تعالى وقيل إن مِنْ للتبعيض لأنه لا يجوز أن يؤكل جميع ما يمسكه الكلب فإن في جملته ما هو حرام من الدّم والفرث والغدد وغير ذلك مما لا يجوز أكله فمعناه فكلوا ما أباح الله لكم أكله مما أمسكن عليكم. النزول: عن أبي رافع قال: جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن عليه فأذن له وقال: قد أذنا لك يا رسول الله. قال: " أجل ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب " قال أبو رافع: فأمرني رسول الله أن أقتل كل كلب بالمدينة فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها فتركته رحمة لها وجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني فرجعت وقتلت الكلب فجاؤوا فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يحلّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتل كلبها فسكت رسول الله فأنزل الآية فأذن رسول الله في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ونهى عن إمساك ما لا نفع فيها وأمر بقتل العقور وما يضرّ ويؤذي. وعن أبي حمزة الثمالي والحكم بن ظهيرة أن زيد الخيل وعدي بن حاتم الطائيين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: إن فينا رجلين لهما ستة أكلب تأخذ بقرة الوحش والظباء فمنها ما يدرك ذكاته ومنها ما يموت وقد حرَّم الله الميتة فماذا يحلّ لنا من هذا فأنزل الله فكلوا مما أمسكن عليكم وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير.

السابقالتالي
2 3