الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

الإعراب: قال سيبويه: وكثير من النحويين ارتفع السارق والسارقة على معنى وفيما فرض عليكم السارق والسارقة أي حكم السارق والسارقة ومثله قولـه تعالى:الزانية والزاني فاجلدوا } [النور: 2] واللذان يأتيانها منكم فآذوهما قال سيبويه: والاختيار في هذا النصب في العربية كما تقول زيداً أضربه وأبتِ العامة القراءةِ إلاّ بالرفع يعني بالعامة الجماعة. وقرأ عيسى بن عمرو السارقَ والسارقةَ وكذلك الزانيةَ والزانيَ وقال أبو العباس المبرد: الاختيار فيه الرفع بالابتداء لأن القصد ليس إلى واحد بعينه فليس هو مثل قولك زيداً فاضربه إنما هو كقولك من سرق فاقطع يده ومن زنى فاجلده. قال الزجاج: وهذا القول هو المختار وإنما دخلت الفاء في الخبر للشرط المنوي وذكر في قراءة ابن مسعود والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم وإنما قال أيديهما ولم يقل يديهما لأنه أراد يميناً من هذا ويميناً من هذه فجمع إذ ليس في الجسد إلاّ أيديهما ولم يقل يديهما لأنه أراد يميناً من هذا ويميناً من هذه فجمع إذ ليس في الجسد إلاّ يمين واحدة. قال الفراء: وكل شيء موحد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافاً إلى اثنين فصاعداً جمع. فقيل: قد هشمت رؤوسهما وملأت ظهورهما وبطونهما ضرباً ومثله قولـه:إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } [التحريم: 4] قال وإنما اختير الجمع على التثنية لأن أكثر ما يكون عليه الجوارح اثنان اثنان في الإنسان كاليدين والرجلين واثنان من اثنين جمع لذلك يقال قطعت أرجلهما وفقأت عيونهما فلما جرى الأكثر على هذا ذهب بالواحد إذا أضيف إلى اثنين مذهب الاثنين قال ويجوز التثنية كقول الهذلي:
فَتَخالَسا نَفْسَيْهِما بِنَوافِـــذٍ   كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتِي لا تُرْقَعُ
لأنه الأصل ويجوز هذا أيضاً فيما ليس من خلق الإنسان كقولك للاثنين خليتما نساءكما وأنت تريد امرأتين. قال: ويجوز التوحيد أيضاً لو قلت في الكلام السارق والسارقة فاقطعوا يمينهما جاز لأن المعنى اليمين من كل واحد منهما قال الشاعر:
كلوا في بعض بطنكم تعيشوا   
ويجوز في الكلام أن تقول ائتني برأس شاتين وبرأسَيْ شاة فمن قال برأس شاتين أراد الرأس من كل شاة منهما. ومن قال: برأسَيْ شاة أراد رأسي هذا الجنس. قال الزجاج: إنما جمع ما كان في الشيء منه واحد عند الإضافة إلى الاثنين لأن الإضافة تبيّن أن المراد بذلك الجمع التثنية لا الجمع وذلك أنك إذا قلت أُشبعت بطونهما علم أن للاثنين بطنين فقط وأصل التثنية الجمع لأنك إذا ثنيت الواحد فقد جمعت واحداً إلى واحد وربما كان لفظ الجمع أخفّ من لفظ الاثنين فيختار لفظ الجمع ولا يشتبه ذلك بالتثنية عند الإضافة إلى اثنين لأنك إذا قلت قلوبهما فالتثنية في هما قد أغنتك عن تثنية القلب.

السابقالتالي
2 3