الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } * { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }

بصري ثلاث عند الباقين عدَّ بصري غالبون وقولـه: { جبارين } مما يشكل ولا يعدّه الجميع. اللغة: الجبار هو الذي لا ينال بالقهر وأصله في النخل وهو ما فات اليد طولاً والجبار من الناس هو الذي يجبرهم على ما يريد والجبر جبر العظم وهو كالإكراه على الصلاح وقال العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدّينَ الإِله فَجَبَــــرْ   وَعَوَّرَ الرَّحْمنُ مَنْ وَلَّى العَوَرْ
والجبار في صفة الله تعالى صفة تعظيم لأنه يفيد الاقتدار وهو سبحانه لم يزل جباراً بمعنى أن ذاته تدعو العارف بها إلى تعظيمها والفرق بين الجبار والقهار أن القهار هو الغالب لمن ناوأه أو كان في حكم المناوىء بمعصيته إياه ولا يوصف سبحانه فيما لم يزل بأنه قهار والجبار في صفة المخلوقين صفة ذم لأنه يتعظم بما ليس له فإن العظمة لله سبحانه. الإعراب: { فاذهب أنت وربك } إنما أتى بالضمير المرفوع المنفصل تأكيداً للضمير المستكن في اذهب ليصح العطف عليه فإنه يقبح العطف بالاسم الظاهر على الضمير المستكن والمتصل من غير أن يؤكد لأنه يصير كأنه معطوف على الفعل إذا عطف على ما هو متصل بالفعل غير مفارق له ولا يجوز أن يقال إنه أبرز الضمير فإن الضمير إذا أبرز يصير الفعل خالياً منه. وقولـه اذهب غير فارغ من الضمير وإنما حسن العطف على الضمير المتصل في قولـه: { فأجمعوا أمركم وشركاءكم } لأن ذكر المفعول صار عوضاً من الضمير المنفصل كما كان لا في قولـه لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا عوضاً منه. المعنى: ثم ذكر جواب القوم فقال سبحانه: { قالوا } يعني بني إسرائيل { يا موسى إن فيها } أي في الأرض المقدسة { قوماً } أي جماعة { جبارين } شديدي البطش والبأس والخلق قال ابن عباس بلغ من جبرية هؤلاء القوم أنه لما بعث موسى ع من قومه اثني عشر نقيباً ليخبروه خبرهم رآهم رجل من الجبارين يقال له عوج فأخذهم في كمّه مع فاكهة كان يحملها من بستانة وأتى بهم الملك فنثرهم بين يديه وقال للملك تعجباً منهم هؤلاء يريدون قتالنا، فقال الملك: ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا. قال مجاهد: وكان فاكهتهم لا يقدر على حمل عنقود منها خمسة رجال بالخشب ويدخل في قشر نصف رمانة خمسة رجال وأن موسى ع كان طوله عشرة أذرع وله عصا طولها عشرة أذرع ونزا من الأرض مثل ذلك فبلغ كعب عوج بن عنق فقتله. وقيل: كان طول سريره ثمانمائة ذراع. { وإنا لن ندخلها } يعني لقتالهم { حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا } يعني الجبارين { منها فإنا داخلون } { قال رجلان } من جملة النقباء الذين بعثهم موسى ليعرف خبر القوم. وقيل: هما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا عن ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة والربيع.

السابقالتالي
2