الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ } * { يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا ٱلأَرْضَ ٱلمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَٰسِرِينَ }

اللغة: أصل التقديس التطهير ومنه قيل للسطل الذي يتطهر به القدس ومنه تسبيح الله وتقديسه وهو تنزيهه عما لا يجوز عليه من الصاحبة والولد وفعل الظلم والكذب. الإعراب: أنبياء لا ينصرف معرفة ولا نكرة لعلامة التأنيث ولزومها بخلاف علامة التأنيث في حمزة وقائمة فإنها لا تلزم فلذلك انصرف في النكرة. وقولـه: { خاسرين } منصوب على الحال من الواو في فتنقلبوا. المعنى: ثم ذكر سبحانه صنع اليهود في المخالفة لنبيّهم تسلية لنبيّنا صلى الله عليه وسلم ومخالفتهم إياه فقال { وإذ قال موسى لقومه } أي واذكر يا محمد إذ قال موسى لهم { يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم } وأياديه لديكم وآلاءه فيكم { إذ جعل فيكم أنبياء } يخبرونكم بأنباء الغيب وتنصرون بهم على الأعداء ويبيّنون لكم الشرائع. وقيل: هم الأنبياء الذين كانوا بعد موسى مقيمين فيهم إلى زمن عيسى يبيّنون لهم أمر دينهم { وجعلكم ملوكاً } بأن سخّر لكم من غيركم خدماً يخدمونكم عن قتادة. وقيل: إنما خاطبهم موسى بذلك لأنهم كانوا يملكون الدور والخدم ولهم نساء وأزواج وكل من ملك ذلك ولا يدخل عليه إلا بأمره فهو ملك كائناً من كان عن عبد الله بن عمر وابن العاص وزيد بن أسلم والحسن ويؤيد ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه فكأنما حيزَت له الدنيا بحذافيرها " وقيل: المَلِك هو الذَي له ما يستغني به عن تكلف الأعمال وتحمل المشاق والتسكّع في المعاش عن أبي علي الجبائي. وقيل: إنهم جعلوا ملوكاً بالمن والسلوى والحجر والغمام عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: لا يمتنع أن يكون الله سبحانه جعل لهم الملك والسلطان ووسع عليهم التوسعة التي يكون بها الإنسان مَلِكاً عن أبي القاسم البلخي. { وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين } أي أعطاكم ما لم يؤت أحداً من عالمي زمانهم عن الحسن والبلخي. وقيل: معناه أعطاكم من اجتماع هذه الأمور وكثرة الأنبياء ع والآيات التي جاءتهم وإنزال المنّ والسلوى عليهم عن الزجاج والجبائي واختلفوا في المخاطب بقولـه وآتاكم فقيل هم قوم موسى ع عن ابن عباس ومجاهد وغيره وهو الأظهر. وقيل: هم أمة النبي صلى الله عليه وسلم عن سعيد بن جبير وأبي مالك ثم كلّفهم سبحانه دخول الأرض المقدسة بعد ذكر النعم فقال { يا قوم } حكاية عن خطاب موسى ع لقومه { ادخلوا الأرض المقدسة } وهي بيت المقدس عن ابن عباس والسدي وابن زيد. وقيل: هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن عن الزجاج والفراء. وقيل: هي الشام عن قتادة. وقيل: هي أرض الطور وما حوله عن مجاهد والمقدسة المطهرة طهرت من الشرك وجعلت مكاناً وقراراً للأنبياء والمؤمنين { التي كتب الله لكم } أي كتب في اللوح المحفوظ أنها لكم.

السابقالتالي
2