الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ }

القراءة: روي في الشواذ عن الحسن والشعبي والأَعرج شهادةٌ بينكم وعن الأَعرج أيضاً شهادةً بينكم بالنصب وروي عن علي والشعبي بخلاف ونعيم بن ميسرة أنهم قرؤوا شهادةً آلله بنصب شهادة والمد في الله وهو قراءة يعقوب والشعبي برواية روح وزيد وروي شهادة الله مقصورة عن الحسن ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير والكلبي والشعبي. الحجة: أما قول شهادةٌ بالرفع بينكم بالنصب فعلى نحو القراءة المشهورة شهادةُ بينكم إلا أنه حذف التنوين فانجر الاسم ويجوز أن يكون المضاف محذوفاً من آخر الكلام أي شهادة بينكم شهادة اثنين أي ينبغي أن تكون الشهادة المعتمدة هكذا وأما شهادة بينَكم بالنصب والتنوين فعلى إضمار فعل أي ليقم شهادة بينكم اثنان ذوا عدل وأما قولـه: { ولا نكتم شهادة } فهو أعم من قراءة الجماعة المشهورة شهادةَ الله بالإِضافة وأما المد في الله فعلى أن همزة الاستفهام صارت عوضاً من حرف القسم ووقوا همزة الله من الحذف الذي كان يجب فيها من حيث كانت موصولة ثم فصل بين الهمزتين بألف كما في قولـه:آلذكرين حَرَّم أم الأُنثيين } [الأنعام: 143] وأما الله مقصورة بالجر فعلى ما حكاه سيبويه أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام فيقول الله لقد كان كذا وذلك لكثرة الاستعمال وأما تقدير الكلام فعلى أنه يقول أتقسم بالله أي أتقدم على هذا اليمين وهذا إنما يكون على وجه الإِعظام لليمين والتهيّب لها. الإِعراب: قال الزجاج شهادة بينكم يرتفع من وجهين أحدهما: أن يرتفع بالابتداء ويكون خبرها اثنان والمعنى شهادة هذه الحال شهادة اثنين فيحذف شهادة ويقام اثنان مقامها والآخر: أن يكون التقدير وفيما فرض عليكم في شهادتكم أن يشهد اثنان فيرتفع اثنان بشهادة وهو قول الفراء واختار أبو علي الفارسي القول الأَول قال واتسع في بين فأضيف إليه المصدر وهذا يدل على قول من قال إن الظرف يستعمل اسماً في غير الشعر ألا ترى أنه قد جاء ذلك في التنزيل وهو لقد تقطع بينكم بالرفع كما جاء في الشعر نحو قولـه:
فَصادفَ بَيْن عينيه للحُبُونا   
وأما قولـه: { إذا حضر أحدكم الموت } فيجوز أن يتعلق بالشهادة فيكون معمولها ولا يجوز أن يتعلق بالوصية لأَمرين أحدهما: أن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف لأَنه لو عمل فيه للزم أن يقدر وقوعه في موضعه وإذا قدر ذلك لزم أن يقدم المضاف إليه على المضاف ومن ثم لم يجز القتال زيداً حين يأتي والآخر: أن الوصية مصدر فلا يتعلق به ما يتقدم عليه وأما قولـه: { حين الوصية اثنان } فلا يجوز حمله على الشهادة لأَنه إذا عمل في ظرف من الزمان لم يعمل في ظرف آخر منه ولكن يحمله على أحد ثلاثة أوجه إمَّا أن يتعلق بالموت كأنه يموت في ذلك الحين وهذا إنما يكون على ما قرب منه كقولـه:

السابقالتالي
2 3 4