الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ يعقوب لا تقدموا بفتح التاء والدال والباقون لا تقدموا بضم التاء وكسر الدال وقرأ أبو جعفر الحجرات بفتح الجيم والباقون بضمها. الحجة: قال ابن جني معناه لا تفعلوا ما تؤثرونه وتتركوا ما أمركم الله ورسوله به وهذا معنى القراءة المشهورة لا تقدموا أي لا تقدموا أمراً على ما أمركم الله به فالمفعول هنا محذوف كما ترى ومن قرأ الحجرات أبدل من الضمة فتحة استثقالاً بتوالي الضمتين ومنهم من أسكن فقال الحجرات مثل عضد وعضد وقال أبو عبيدة حجرات جمع حجر فهو جمع الجمع. اللغة: قدم تقديماً وأقدم إقداماً واستقدم وقدم كل ذلك بمعنى تقدم والجهر ظهور الصوت بقوة الاعتماد ومنه الجهارة في المنطق وجاهر بالأمر مجاهرة ويقال جهاراً ونقيض الجهر الهمس والحروف المجهورة تسعة عشر حرفاً يجمعها قولك: " أطلقن ضرغم عجز ظبي ذواد " وما عداها من الحروف مهموس يجمعها قولك: " حث فسكت شخصه " والغض الحط من منزلة على وجه التصغير يقال غض فلان إذا صغّر حالة من هو أرفع منه وغض بصره إذا ضعّفه عن حدة النظر قال جرير:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنّكَ مِن نَمير   فَلا كَعْبــاً بَلَغْـــتَ وَلا كِلابا
الإعراب: أن تحبط أعمالكم في محل النصب لأنه مفعول له ويجوز أن يكون في محل جر باللام المقدرة أي لأن تحبط أعمالكم. وقيل: تقديره كراهة أن تحبط أو حذارِ أن تحبط. النزول: نزل قوله { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم } إلى قوله { غفور رحيم } في وفد تميم وهم عطارد بن حاجب بن زرارة في أشراف من بني تميم منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم في وفد عظيم فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات أن أخرج إلينا يا محمد فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فقالوا: جئناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا فقال: " قد أذنت " فقام عطارد بن حاجب وقال: الحمد لله الذي جعلنا ملوكاً الذي له الفضل علينا والذي وهب علينا أموالاً عظاماً نفعل بها المعروف وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثر عدداً وعدة فمن مثلنا في الناس فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ولكنا نستحي من الإكثار ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس: " قم فأجبه " فقام فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ولم يكن شيء قط إلا من فضله ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكاً واصطفى من خير خلقه رسولاً أكرمهم نسباً وأصدقهم حديثاً وأفضلهم حسباً فأنزل الله عليه كتاباً وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله على العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان بالله فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه أكرم الناس أحساباً وأحسنهم وجوهاً فكان أول الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن فنحن أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم وردؤه نقاتل الناس حتى يؤمنوا فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ومن نكث جاهدناه في الله أبداً وكان قتله علينا يسيراً أقول هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم.

السابقالتالي
2 3