الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } * { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ أهل البصرة لا يألتكم بالألف والباقون لا يلتكم بغير الألف. الحجة: قال أبو زيد ألته حقه يألته ألْتا إذا نقصه وقوم يقولون لات يليت ليتا ويقال لِتُّ الرجل ألِيته لَيْتا إذا عمْيت عليه الخبر فأخبرته بغير ما يسألك عنه قال رؤبة:
وَلَيْلَــةٍ ذات نــدىً سَرَيْتُ   وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سَراها لَيْتُ
وقوم يقولون الأتني عن حقي والأتني عن حاجتي أي صرفني عنها وحجة من قرأ لا يألتكم قوله تعالى { وما ألتناهم } ومن قرأ يلتكم جعله من لات يليت. اللغة: الهمز واللمز العيب والغض من الناس فاللمز هو الرمي بالعيب لمن لا يجوز أن يؤذي بذكره وهو المنهي عنه فأما ذكر عيب الفاسق فليس بلمز وقد ورد في الحديث " قولوا في الفاسق ما فيه كي يحذره الناس " والنبز القذف باللقب يقال نبزته أنبِزه والغيبة أن تذكر الإنسان من ورائه بسوء هو فيه فإذا ذكرته بما ليس له فهو البهت والبهتان والشعوب الذي يصغر شأن العرب ولا يرى لهم فضلاً على غيرهم سمّوا بذلك لأنهم تأولوا وجعلناكم شعوباً على أن الشعوب من العجم كالقبائل من العرب وقال أبو عبيدة الشعوب العجم وأصله من التشعب وهو كثرة تفرقهم في النسب ويقال شعبته جمعته وشعبته فرقته وهو من الأضداد. النزول: نزل قوله { لا يسخر قوم من قوم } في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر وكان إذا دخل المسجد تفسحوا له حتى يقعد عند النبي فيسمع ما يقول فدخل المسجد يوماً والناس قد فرغوا من الصلاة وأخذوا مكانهم فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول تفسحوا تفسحوا حتى انتهى إلى رجل فقال له أصبحت مجلساً فاجلس فجلس خلفه مغضباً فلما انجلت الظلمة قال من هذا قال الرجل أنا فلان فقال ثابت ابن فلانة ذكر أمّاً له كان يعيّر بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه حياء فنزلت الآية عن ابن عباس. وقوله { ولا نساء من نساء } نزل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم سخرن من أم سلمة عن أنس وذلك أنها ربطت حقويها بسبية وهي ثوب أبيض وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجره فقالت عائشة لحفصة: انظري ماذا تجر خلفها كأنه لسان كلب فلهذا كانت سخريتهما. وقيل: إنها عيرتها بالقصر وأشارت بيدها أنها قصيرة عن الحسن. وقوله { ولا يغتب بعضكم بعضاً } نزل في " رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتابا رفيقهما وهو سلمان بعثاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان خازن رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحله فقال ما عندي شيء فعاد إليهما فقالا بخل أسامة وقالا لسلمان لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما "؟ قالا: يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحماً قال: " ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة "

السابقالتالي
2 3 4 5 6