الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } * { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

القراءة: قرأ ابن كثير عن ابن فليح وابن ذكوان شطأه بفتح الطاء الباقون بسكونها وقرأ ابن عامر فأزره بقصر الهمزه والباقون فآزره بالمد وفي الشواذ قراءة الحسن أشداء على الكفار رحماء بينهم بالنصب فيهما وقراءة عيسى الهمداني شطاءه بالمد والهمزة وشطاه أيضاً. الحجة: قال أبو علي يشبه أن يكون شَطأ لغة في شطء فيكون كالشمع والشَمَع والنهْر والنَهَر ومن خفف الهمزة في شطاه حذفها وألقى حركتها على الطاء فقال شطاه قال أبو زيد أشطأت الشجرة بغصونها إذا أخرجت غصونها. أبو عبيدة أخرج شطاه فراخه وأشطأ الزرع فهو مشطئ أي مفرخ وآزره على فاعله معناه ساواه أي صار مثل الأم وفاعله الشطء أي آزر الشطء الزرع فصار في طوله قال امرؤ القيس:
بِمَحْنِيَــةٍ قَدْ آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها   مَجَرَّ جُيُوشٍ غانِمينَ وَخُيَّبِ
أي ساوى نبته الضال فصار في قامته لأنه لا يرعى ويجوز أن يكون فاعل آزر الزرع أي آزر الزرع الشطء ومن الناس من يفسر آزره أعانه وقواه فعلى هذا يكون آزر الزراع الشطء قال أبو الحسن آزره أفعله وهو الأشبه ليكون قول ابن عامر أزره فعله فيكون فيه لغتان فعل وأفعل لأنهما كثيراً ما يتعاقبان على الكلمة ومن قرأ أشداء بالنصب فهو نصب على الحال من معه أي هم معه على هذا الحال. اللغة: الحمية الأنفَةَ والإنكار يقال فلان ذو حمية منكرة إذا كان ذا غضب وأنفة والكفار الزراع هنا لأن الزارع يغطي البذر وكل شيء قد غطيته فقد كفرته ومنه يقال للّيل كافر لأنه يستر بظلمته كل شيء قال:
أَلْقَتْ ذُكاءَ يَمِينَها فِي كافِرِ   
وقال لبيد:
في لَيْلَةٍ كَفَرَ النُجُومَ غَمامُها   
الإعراب: محمد مبتدأ ورسول الله عطف بيان والذين معه عطف على محمد وأشداء خبر محمد وما عطف عليه. وقيل: محمد مبتدأ ورسول الله خبره والذين معه مبتدأ وما بعده خبره يبتغون فضلاً من الله إن شئت كان في موضع الحال وإن شئت كان خبراً بعد خبر وإن شئت كان هو الخبر فيمن نصب أشداء ويكون تراهم أيضاً في موضع النصب مثل أشداء. ذلك مثلهم في التوراة ابتداء وخبر والكلام تام ثم ابتدأ فقال ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فلهم مثلان أحدهما في التوراة والثاني في الإنجيل وقال مجاهد بل قوله أشداء على الكفار مع ما بعده جميعاً في التوراة والإنجيل وكذلك قوله كزرع أخرج شطأه في التوراة والإنجيل فيكون قوله كزرع خبر مبتدأ مضمر أي هم كزرع أخرج شطأه. المعنى: ثم قال سبحانه { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية } إذ يتعلق بقوله لعذبنا أي لعذبنا الذين كفروا وأذنّا لك في قتالهم حين جعلوا في قلوبهم الأنفة التي تحمي الإنسان أي حميت قلوبهم بالغضب.

السابقالتالي
2 3 4