الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } * { وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } * { هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

القراءة: قرأ أبو عمرو بما يعملون بالياء والباقون بالتاء. الحجة: قال أبو علي وجه قول أبي عمرو وكان الله بما عمل الكفار من كفرهم وصدكم عن المسجد الحرام ومنعكم من دخوله بصيراً فيجازي عليه ووجه التاء أن الخطاب قد جرى للقبيلتين في قوله { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم } فالخطاب لتقدم هذا الخطاب. اللغة: التبديل رفع أحد الشيئين وجعل الآخر مكانه فيما حكم أن يستمر على ما هو به ولو رفع الله حكماً إلى خلافه لم يكن تبديلاً لحكمه لأنه لا يرفع شيئاً الا في الوقت الذي تقتضي الحكمه رفعه فيه والمعكوف الممنوع من الذهاب في جهة بالإقامة في مكانه ومنه الاعتكاف وهو الإقامة في المسجد للعبادة وعكف على هذا الأمر يعكف عكوفاً إذا قام عليه والمعرّة الأمر القبيح المكروه يقال عرّ فلان فلاناً إذا شانه وألحق به عيباً وبه سمّي الجرب عرّاً والعذرة عرّة. الإعراب: سنة الله منصوب على المصدر والمعنى سن الله خذلانهم سنة وموضع أن تطؤهم رفع بدل من رجال والمعنى لولا أن تطأوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات ثم قال لو تزيلوا لعذبنا الآية والتقدير وطء رجال ونساء أي قتلهم وهو بدل الاشتمال مثل نفعني عبد الله علمه وأعجبتني الجارية حسنها ويجوز أن يكون موضع أن تطؤهم نصباً على البدل من الهاء والميم في تعلموهم والتقدير ولولا رجال ونساء لم تعلموا أن تطؤهم أي لم تعلموا وطأهم وهو بدل الاشتمال أيضاً وقوله لم تعلموهم أن تطؤهم في موضع رفع صفة لرجال ونساء وجواب لولا يغني عنه جواب لو في قوله لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا وقوله والهدي معكوفاً عطف على الكاف والميم في صدوركم أي صدّوكم وصدّوا الهدي ومعكوفاً حال وقوله أن يبلغ محله تقديره كراهة أن يبلغ فحذف المضاف. وقيل: معكوفاً من أن يبلغ فحذف من. النزول: سبب نزول قوله وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية أن المشركين بعثوا أربعين رجلاً عام الحديبية ليصيبوا من المسلمين فأتي بهم الى النبي صلى الله عليه وسلم أسرى فخلى سبيلهم عن ابن عباس. وقيل: إنهم كانوا ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقهم عن أنس. وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل شجرة وبين يديه عليّ صلوات الله عليه يكتب كتاب الصلح فخرج ثلاثون شاباً عليهم السلاح فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ الله تعالى بأبصارهم فقمنا فأخذناهم فخلى سبيلهم فنزلت هذه الآية عن عبد الله بن المغفل. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم يعد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فتوحاً أخر فقال { وأخرى لم تقدروا عليها } معناه ووعدكم الله مغانم أخرى لم تقدروا عليها بعد فتكون أخرى في محل النصب.

السابقالتالي
2 3