الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } * { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

القراءة: قرأ أهل المدينة وابن عامر ندخله ونعذبه بالنون والباقون بالياء وهما في المعنى سواء. المعنى: ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل } يا محمد { للمخلفين } الذين تخلفوا عنك في الخروج إلى الحديبية { من الأعراب ستدعون } فيما بعد { إلى قوم أولي بأس شديد } وهم هوازن وحنين عن سعيد بن جبير وعكرمة. وقيل: هم هوازن وثقيف عن قتادة. وقيل: هم ثقيف عن الضحاك. وقيل: هم بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب عن الزهري. وقيل: هم أهل فارس عن ابن عباس. وقيل: هم الروم عن الحسن وكعب. وقيل: هم أهل صفين أصحاب معاوية والصحيح أن المراد بالداعي في قوله ستدعون هو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد دعاهم بعد ذلك إلى غزوات كثيرة وقتال أقوام ذوي نجدة وشدة مثل أهل حنين والطائف ومؤتة إلى تبوك وغيرها فلا معنى لحمل ذلك على ما بعد وفاته. { تقاتلونهم أو يسلمون } معناه أن أحد الأمرين لا بد أن يقع لا محالة وتقديره أو هم يسلمون أي يقرّون بالإسلام ويقبلونه. وقيل: ينقادون لكم وفي حرف أبي أو يسلموا وتقديره إلى أن يسلموا وفي النصب دلالة على أن ترك القتال من أجل الإسلام إذا وقع. { فإن تطيعوا } أي فإن تجيبوا إلى قتالهم { يؤتكم الله أجراً حسناً } أي جزاءاً صالحاً { وإن تتولوا } عن القتال وتقعدوا عنه { كما توليتم من قبل } عن الخروج الى الحديبية { يعذبكم عذاباً أليماً } في الأخرة. { ليس على الأعمى حرج } أي ضيق في ترك الخروج مع المؤمنين في الجهاد والأعمى الذي لا يبصر بجارحة العين { ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } في ترك الجهاد أيضاً قال مقاتل: عذر الله أهل الزمانة والآفات الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية. { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } معناه في الأمر بالقتال { ومن يتول } عن أمر الله وأمر رسوله فيقعد عن القتال { يعذبه عذاباً أليماً لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } يعني بيعة الحديبية وتسمى بيعة الرضوان لهذه الآية ورضاء الله سبحانه عنهم هو إرادته تعظيمهم وإثابتهم وهذا إخبار منه سبحانه أنه رضي عن المؤمنين إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السمرة { فعلم ما في قلوبهم } من صدق النية في القتال والكراهة له لأنه بايعهم على القتال عن مقاتل ما في قلوبهم من اليقين والصبر والوفاء { فأنزل السكينة عليهم } وهي اللطف القويّ لقلوبهم والطمأنينة { وأثابهم فتحاً قريباً } يعني فتح خيبر عن قتادة وأكثر المفسرين. وقيل: فتح مكة عن الجبائي. { ومغانم كثيرة يأخذونها } يعني غنائم خيبر فإنها كانت مشهورة بكثرة الأموال والعقار.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9