الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً }

اللغة: الفتح ضد الإغلاق وهو الأصل ثم استعمل في مواضع فمنها الحكم والقضاء ويسمّى الحاكم فتاحاً والفتاحة الحكومة ومنها النصر والاستفتاح الاستنصار ومنها فتح البلدان ومنها العلم وقولهعنده مفاتح الغيب } [الأنعام: 59] من ذلك. المعنى: { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } أي قضينا لك قضاء ظاهراً عن قتادة. وقيل: معناه يسرنا لك يسراً بيناً عن مقاتل. وقيل: معناه أعلمناك علماً ظاهراً فيما أنزلناه عليك من القرآن وأخبرناك به من الدين. وقيل: معناه أرشدناك إلى الإسلام وفتحنا لك أمر الدين عن الزجاج. ثم اختلف في هذا الفتح على وجوه: أحدها: أن المراد به فتح مكة وعدها الله ذلك عام الحديبية عند انكفائه منها عن أنس وقتادة وجماعة من المفسرين قال قتادة: نزلت هذه الآية عند مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية بشّر في ذلك الوقت بفتح مكة وتقديره إنا فتحنا لك مكة أي قضينا لك بالنصر على أهلها وعن جابر قال: ما كنا نعلم فتح مكة إلا يوم الحديبية. وثانيها: أن المراد بالفتح هنا صلح الحديبية وكان فتحاً بغير قتال قال الفراء: الفتح قد يكون صلحاً ومعنى الفتح في اللغة فتح المنغلق والصلح الذي حصل مع المشركين بالحديبية كان مسدوداً متعذراً حتى فتحه الله وقال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإِسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير فكثر بهم سواد الإِسلام وقال الشعبي: بويع بالحديبية وذلك بيعة الرضوان وأطعم نخيل خيبر وظهرت الروم على فارس وفرح المسلمون بظهور أهل الكتاب وهم الروم على المجوس إذ كان فيه مصداق قول الله تعالى أنهم سيغلبون وبلغ الهدي محله والحديبية بئر روي أنه نفد ماؤها فظهر فيها من إعلام النبوة ما اشتهرت به الروايات. قال البراء بن عازب: تعدّون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحاً ونحن نعدّ بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فما ترك منها قطرة فبلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها وتركها ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا وفي حديث سلمة بن الأكواع إما دعا وإما بزق فيها فجاشت فسقينا وأسقينا. وعن محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لزيارة البيت لا يريد حرباً فذكر الحديث إلى أن " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلوا فقالوا يا رسول الله ما بالوادي ماء فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنانته سهماً فأعطاه رجلاً من أصحابه فقال له: " انزل في بعض هذه القلب فأغرزه في جوفه " ففعل فجاش بالماء الرواء حتى ضرب الناس بعطن ".

السابقالتالي
2 3 4