الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } * { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ }

القراءة: قرأ ابن كثير آسن مقصوراً والباقونه آسن بالمد وقرأ علي ع وابن عباس أمثال الجنة على الجمع. الحجة: قال أبو زيد: يقال أسن الماء يأسُنُ أُسُوناً إذا تغير وأسن الرجل يأسَن أَسناً إذا غشي عليه من ريح خبيثة وربما مات منها قال:
أَلتَّــارِك الْقِـــرْنِ مُصْفـــرّاً أَناملُهُ   تَميلُ في الرُّمح ميل المائِحِ الأَسِنِ
قال أبو عبيدة الأسِن المتغير فحجة ابن كثير أن اسم الفاعل من فَعَل يفعل على فعل وقال أبو الحسن أَسِن إنما هو للحال التي يكون عليها ومن قرأ آسن على فاعل فإنما يريد أن ذلك لا يصير إليه فيما يستقبل وقوله أمثال الجنة فيه دليل على أن القراءة العامة التي هي مثل في معنى الكثرة لما فيه من معنى المصدرية. اللغة: المثوى المنزل من قولهم ثوى بالمكان ثواء إذا أقام به ويقال للمرأة أم المثوى أي ربّة المنزل والمثل والمثل بمعنى مثل الشِبه والشَبَه والبدْل والبَدَل والأمعاء جمع مَعى وفي الحديث: " المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء " وفيه وجوه من التأويل أحدها: أنه قال علي ع: في رجل معينَ والثاني: أن المعنى يأكل المؤمن فيسمي الله تعالى فيبارك في أكله والثالث: أن المؤمن يضيّق عليه في الدنيا والكافر يصيب منها والرابع: أنه مَثَل لزهد المؤمن في الدنيا وحرص الكافر عليها وهذا أحسن الوجوه. الإعراب: قال الزجاج: مثل الجنة مبتدأ وخبره محذوف تقديره مثل الجنة التي وعد المتقون مما قد عرفتموه من الدنيا جنة فيها أنهار إلى آخره وقوله كمن هو خالد في النار تقديره أفمن كان على بيّنة من ربه وأعطي هذه الأشياء كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار. المعنى: ثم قال سبحانه { ذلك } أي الذي فعلناه في الفريقين { بأن الله مولى الذين آمنوا } يتولى نصرهم وحفظهم ويدفع عنهم { وأن الكافرين لا مولى لهم } ينصرهم ولا أحد يدفع عنهم لا عاجلاً ولا آجلاً. ثم ذكر سبحانه حال الفريقين فقال { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أشجارها وأبنيتها { والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام } أي سيرتهم سيرة الأنعام آثروا لذّات الدنيا وشهواتها وأعرضوا عن العبر يأكلون للشبع ويتمتعون لقضاء الوطر { والنار مثوى لهم } أي موضع مقامهم يقيمون فيها. ثم خوّفهم وهدّدهم سبحانه فقال { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك } يا محمد يعني مكة { التي أخرجتك } أي أخرجك أهلها والمعنى كم من رجال هم أشد من أهل مكة ولهذا قال { أهلكناهم } فكنّى عن الرجال عن ابن عباس { فلا ناصر لهم } يدفع عنهم إهلاكنا إياهم والمعنى فمن الذي يؤمّن هؤلاء أن أفعل بهم مثل ذلك.

السابقالتالي
2