الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } * { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ }

القراءة: في الشواذ قراءة ابن عباس وعكرمة وأبي عامر أفكهم بفتح الألف والفاء والكاف وقراءة عبد الله بن الزبير آفكهم وقراءة ابن عياض أفكهم بالتشديد. الحجة: قوله أفكهم معناه صرفهم وثناهم قال:
إنْ يَكُ عَنْ أَحْسَنِ الْمُرُوءَةِ مَأ   فُوكاً فِفــي آخَرِيــنَ قَـــدْ أُفِكُـوا
وآفّكهم أفعلهم منه أي أصارهم إلى الإفك ويجوز أن يكون فاعلهم من ذلك مثل خادعهم وأما أفّكهم ففعلهم وذلك لتكثيره ذلك الفعل بهم وروي عن قطرب أن ابن عباس قرأ آفكهم أي صارفهم. اللغة: التمكين إعطاء ما يتمكن به من الفعل وتدخل فيه القدرة والآلة وسائر ما يحتاج إليه الفاعل. وقيل: التمكين إزالة الموانع وذلك داخل في الأول لأنه كما يحتاج الفاعل في الفعل إلى الآلات يحتاج إلى زوال الموانع فإذا أزيحت عنه العلل كلها فقد مُكّن والقربان كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من طاعة أو نسك والجمع قرابين. الإعراب: فيما إن مكناكم فيه إن هنا بمعنى ما وإن في النفي مع ما الموصولة بمعنى الذي أحسُ في اللفظ ما ألا ترى أنّك لو قلت رغبت فيما ما رغبت فيه لكان أحسن منه أن تقول رغبت فيما أن رغبت فيه لاختلاف اللفظين. المعنى: ثم خوّف سبحانه كفار مكة وذكر فضل عاد بالأجسام والقوة عليهم فقال { ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّناكم } أي في الذي ما مكناكم { فيه } والمعنى في الشيء الذي لم نمكّنكم فيه من قوة الأبدان وبسطة الأجسام وطول العمر وكثرة الأموال عن ابن عباس وقتادة. وقيل: معناه فيما مكناكم فيه وإن مزيدة والمعنى مكناهم من الطاعات وجعلناهم قادرين متمكّنين بنصب الأدلة على التوحيد والتمكين من النظر فيها والترغيب والترهيب وإزاحة العلل في جميع ذلك. { وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة } ثم أخبر سبحانه عن أولئك أنهم أعرضوا عن قبول الحجج والتفكر فيما يدلهم على التوحيد مع ما أعطاهم الله من الحواس الصحيحة التي بها تدرك الأدلة { فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء } أي لم ينفعهم جميع ذلك لأنهم لم يعتبروا ذلك ولا استعملوا أبصارهم وأفئدتهم في النظر والتدبر { إذ كانوا يجحدون بآيات الله } وأدلّته { وحاق بهم } أي حلّ بهم جزاء { ما كانوا به يستهزؤون ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى } معناه ولقد أهلكنا يا أهل مكة ما حولكم وهم قوم هود وكانوا باليمن وقوم صالح بالحجر وقوم لوط على طريقهم إلى الشام. { وصرَّفنا الآيات } تصريف الآيات تصييرها تارة في الإعجاز وتارة في الإهلاك وتارة في التذكير بالنعم وتارة في التذكير بالنقم وتارة في وصف الأبرار ليقتدى بهم وتارة في وصف الفجّار ليجتنب مثل فعلهم { لعلهم يرجعون } أي لكي يرجعوا عن الكفر.

السابقالتالي
2 3