الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر نتقبّل ونتجاوز بالنون، أحسن بالنصب والباقون يتقبل ويتجاوز بضم الياء أحسن بالرّفع وقرأ ابن كثير وأبو جعفر ويعقوب آذهبتم بهمزة واحدة ممدودة وقرأ ابن عامر ءَأذهبتم بهمزتين والباقون أذهبتم بفتح الهمزة. الحجة: من قرأ يتقبل فلأنّ الفعل وإن كان مبنيّاً للمفعول به فمعلوم أنه لله تعالى كما جاء في الأخرى إنما يتقبل الله من المتقين فبناؤه للمفعول كبنائه للفاعل في العلم بالفاعل وحجة من قرأ نتقبل بالنون أنّه قد تقدّم الكلام ووصينا الإنسان وكلاهما حسن وقد ذكرنا اختلافهم في أفّ في بني إسرائيل وحجة الاستفهام في أذهبتم أنه قد جاء هذا النحو بالاستفهام نحو أليس هذا بالحق وقوله أكفرتم بعد إيمانكم ووجه الخبر أن الاستفهام تقرير فهو مثل الخبر ألا ترى أن التقرير لإيجاب بالفاء كما يجاب بها إذا لم يكن تقريراً فكأنهم يوبّخون بهذا الذي يخبرون به ويبكّتون والمعنى في القراءتين يقال لهم هذا فحذف القول كما حذف في نحو قولهأكفرتم بعد إيمانكم } [آل عمران: 106]. الإعراب: وعد الصدق نصب على المصدر تقديره وعدهم الله ذلك وعداً وإضافته إلى الصدق غير حقيقية لأن الصدق في تقدير النصب بأنه صفة وعدو الذي كانوا يوعدون موصول وصلة في موضع النصب بكونه صفة الوعد وأفٍّ لكما مبتدأ وخبر تقديره هذه الكلمة التي تقال عند الأمور المكروهة كائنة لكما. ويلك منصوب لأنه مفعول فعل محذوف تقديره ألزمك الويل. وقيل: تقديره وي لك فهو مبتدأ وخبر كما قلناه في أفّ لكما وليوفّيها معطوف على محذوف تقديره والله أعلم ليجزيهم بما عملوا وليوفّيهم أعمالهم. المعنى: ثم أخبر سبحانه بما يستحقّه هذا الإنسان من الثواب فقال { أولئك } يعني أهل هذا القول { الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } أي يثابون على طاعاتهم والمعنى نقبل بإيجاب الثواب لهم أحسن أعمالهم وهو ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات فإنّ المباح أيضاً من قبيل الحسن ولا يوصف بأنه متقبل { ونتجاوز عن سيئاتهم } التي اقترفوها { في أصحاب الجنة } أي في جملة من يتجاوز عن سيئاتهم وهم أصحاب الجنة فيكون قوله في أصحاب الجنة في موضع نصب على الحال { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } أي وعدهم وعد الصدق وهو ما وعد أهل الإيمان بأن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم إذا شاء أن يتفضل عليهم بإسقاط عقابهم أو إذا تابوا الوعد الذي كانوا يوعدونه في الدنيا على ألسنة الرسل. { والذي قال لوالديه } إذا دعوه إلى الإيمان { أفّ لكما } وهي كلمة تبرّم يقصد بها إظهار التسخّط ومعناه بعداً لكما. وقيل: معناه نتناً وقذراً لكما كما يقال عند شمّ الرائحة المكروهة { أتعِدانِنِي أن أُخرج } من القبر وأُحيا وأبعث { وقد خلت القرون من قبلي } أي مضت الأمم وماتوا قبلي فما أخرجوا ولا أعيدوا.

السابقالتالي
2 3