الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز وابن عامر ويعقوب لتنذر بالتاء والباقون بالياء وقرأ أهل الكوفة إحساناً والباقون حسناً، وروي عن علي ع وأبي عبد الرحمن السلمي حسناً بفتح الحاء والسين وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو والكسائي كرهاً بفتح الكاف والباقون بضمّها، وقرأ يعقوب وفصله وهو قراءة الحسن وأبي رجاء وعاصم والجحدري والباقون وفصاله. الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ لتنذر بالتاء قوله إنما أنت منذر وقوله لتنذر به وذكرى وحجة الياء لينذر بأساً شديداً أو أسند الإنذار إلى الكتاب كما أسنده إلى الرسول وأما الباء في قوله بوالديه فيجوز أن يتعلق بوصّينا بدلالة قوله ذلكم وصاكم به ويجوز أن يتعلق بالإحسان ويدلّ عليه قولهوقد أحسن بي إذ أخرجني } [يوسف: 100] ولا يجوز أن يتعلق في الآية بالإحسان لتقدمها على الموصول ولكن يجوز أن تعلقه بمضمر يفسّره الإحسان كما جاز في نحو قولهوكانوا فيه من الزاهدين } [يوسف: 20] وقوله:
كان جزائي بالعصا أن أجلدا   
في قول من لم يعلقه بالجزاء. والإحسان خلاف الإساءة والحسن خلاف القبح فمن قال إحساناً كان انتصابه على المصدر وذلك أن معنى قوله { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً } أمرناه بالإحسان أي ليأتي الإحسان إليهما دون الإساءة ولا يجوز أن يكون انتصابه بوصّينا لأن وصّينا قد استوفى مفعوليه اللذين أحدهما منصوب والآخر المتعلق بالباء ومن قرأ حسناً فمعناه ليأت في أمرهما أمراً ذا حسن أي ليأت الحسن في أمرهما دون القبيح ويؤيده قراءة عليّ صلوات الرحمن عليه حَسَنا لأنّ معناه ليأت في أمرهما فعلاً حسناً وأما الكره بالفتح فهو المصدر والكره بالضم الاسم كأنه الشيء المكروه قالكتب عليكم القتال وهو كره لكم } [البقرة: 216] وهذا بالضم وقالأن ترثوا النسآء كُرهاً } [النساء: 19] فهذا في موضع الحال والفتح فيه أحسن وقد قيل أنهما لغتان وأما الفصل فهو بمعنى الفصال إلا أن الأكثر بالألف وفي الحديث: " لا رضاع بعد الفصال " يعني بعد الفطام. اللغة: القديم ما تقادم وجوده وفي عرف المتكلمين هو الموجود الذي لا أول لوجوده والإيزاع أصله المنع وأوزعني أمنعني عن الانصراف عن ذلك باللطف ومنه قول الحسن لا بد للناس من وَزَعَةٍ وقال أبو مسلم الإيزاع إيصال الشيء إلى القلب. الإعراب: إماماً منصوب على الحال من الضمير في الظرف عند سيبويه ومن كتاب موسى عند الأخفش ومن رفع بالظرف ويجوز أن يرتفع قوله { كتاب موسى } بالعطف على قوله { وشهد شاهد من بني إسرائيل } أي وشهد من قبل القرآن كتاب موسى ففصل بالظرف بين الواو والمعطوف به ورحمة معطوف على قوله إماماً ولساناً عربياً منصوب على الحال أيضاً من قوله { هذا كتاب } ويجوز أن يكون حالاً مما في مصدّق من الضمير وتقديره وهذا كتاب مصدق ملفوظاً به على لسان العرب وبشرى عطف على قوله { لينذر } وهو مفعول له جزاء مصدر مؤكّد لما قبله وتقديره جُوزُوا جزاء فاستغنى عن ذكر جُوزوا لدلالة الجملة قبلها عليها ويجوز أن يكون جزاء مفعولاً له وكرهاً منصوب على الحال أي حملته كارهة.

السابقالتالي
2 3