الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

القراءة: قرأ حمزة والكسائي ويعقوب آيات في الموضعين على النصب والباقون آيات على الرفع فيهما. الحجة: قال أبو علي: قوله وفي خلقكم وما يبثّ من دابة آيات جاز الرفع في قوله آيات من وجهين أحدهما: العطف على موضع أنّ وما عملت فيه فإنه رفع بالابتداء فيحتمل الرفع فيه على الموضع والآخر: أن يكون مستأنفاً ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة فيكون قوله آيات على هذا مرتفعاً بالظرف فهذا وجه من رفع آيات في الموضعين قال أبو الحسن: من دابة آيات قراءة الناس بالرفع وهي أجود وبها نقرأ لأنّه قد صار على كلام آخر نحو إنّ في الدار زيداً وفي البيت عمرو لأنك إنما تعطف الكلام كله على الكلام كلّه قال وقد قرئ بالنصب وهو عربيّ انتهت الحكاية عنه. وأمّا قوله واختلاف الليل والنهار إلى آخره آيات فإنك إن تركت الكلام على ظاهره فإنَّ فيه عطفاً على عاملين أحد العاملين الجارّ الذي هو في من قوله وفي خلقكم وما يبثّ من دابة والعامل الآخر أن نصبت آيات وإن رفعت فالعامل المعطوف عليه الابتداء أو الظرف ووجه قراءة من قرأ آيات بالنصب أنه لم يحمل على موضع أنّ كما حمل من رفع آيات في الموضعين أو قطعة واستأنف ولكن حمل على لفظ أنّ دون موضعها فحمل آيات في الموضعين على نصب إنّ قوله { إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين } فإن قلت إنه يعرض في هذه القراءة العطف على عاملين وذلك في قوله { واختلاف الليل والنهار آيات } وسيبويه وكثير من النحويين لا يجيزونه. قيل يجوز أن يقدّر في قوله واختلاف الليل والنهار آيات وإن كانت محذوفة من اللفظ وذلك إنّ ذكره قد تقدّم في قوله إن في السموات وقوله وفي خلقكم فلمّا تقدّم ذكر الجارّ في هذين قدّر فيه الإِثبات في اللفظ وإن كان محذوفاً منه كما قدّر سيبويه في قوله:
أَكُلَّ أَمرِءٍ تَحْسَبينَ أمَرءاً   وَنــارٍ تَأَجَّــجُ باللَّيْلِ نارا
أنّ كل في حكم الملفوظ به واستغنى عن إظهاره بتقدم ذكره ومما يؤكد هذه القراءة في أنّ آيات محمولة على أنّ ما ذكره عن أبي أنّه قرأ في المواضع الثلاثة لآيات فدخول اللامات تدلّ على أنّ الكلام محمول على أنّ وإذا كان محمولاً عليها حسن النصب وصار كلّ موضع من ذلك كأنّ أنّ مذكورة فيه بدلالة دخول اللام لأن هذه اللام إنما تدخل على خبر إنّ أو على اسمها ومما يجوز أن يتأوّل على ما ذكرنا قول الفرزدق:
وَباشَرَ راعِيهَا الصَّلا بِلَبانِهِ   وَكَفَّيْهِ حَرَّ النَّارِ ما يَتَحَرَّفُ
فهذا إن حملت الكلام على ظاهره كان عطفاً على عاملين على الفعل والباء إن قدرت إن الباء ملفوظ بها لتقدّم ذكرها صارت في حكم الثبات في اللفظ وإذا صار كذلك كان العطف على عامل واحد وهو الفعل دون الجارّ وكذلك قول الآخر:

السابقالتالي
2