الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وابن عامر في مقام بالضم والباقون في مقام بالفتح. الحجة: من فتح الميم أراد به المجلس والمشهد كما قالفي مقعد صدق } [القمر: 55] ووصفه بالأمن يقوّي أنّ المراد به المكان ومن ضم فإنه يحتمل أن يريد به المكان من أقام فيكون على هذا معنى القراءتين واحداً ويجوز أن يجعله مصدراً ويقدّر المضاف محذوفاً أي موضع إقامة. اللغة: السندس الحرير والإستبرق الديباج الغليظ الصفيق قال الزجّاج: إنما قيل له استبرق لشدة بريقه والحور جمع حوراء من الحَوَر وهو شدّة البياض وهنّ البيض الوجوه وقال أبو عبيدة الحوراء الشديدة بياض العين الشديدة سوادها والعين جمع العيناء وهي العظيمة العينين. الإعراب: كذلك جارّ ومجرور في موضع رفع بأنّه خبر المبتدأ التقدير الأمر كذلك. متقابلين نصب على الحال من يلبسون ويلبسون يجوز أن يكون خبراً بعد خبر ويجوز أن يكون حالاً من الظرف الذي هو قوله في مقام لأن التقدير إن المتقين ثبتوا في مقام ومفعول يلبسون محذوف وتقديره يلبسون ثياباً من سندس فآمنين حال من يدعون. الموتة الأولى نصب على الاستثناء قال الزجاج: معناه سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا كقولهولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } [النساء: 22] المعنى سوى ما قد سلف. وأقول إن سوى لا يكون إلا ظرفاً وإلا حرف فكيف يكون بمعناه فالأولى أن يكون إلا هنا مع ما بعدها صفة أو بدلاً بمعنى غير تقديره ولا يذوقون فيها الموت غير الموتة الأولى إذ الموتة الأولى وقد انقضت فلا يمكن أن يستثنى من الموت الذي لا يذوقونه في الجنة إذ ليست بداخلة فيه وقوله فضلاً من ربّك مفعول له تقديره فعل الله ذلك بهم فضلاً منه وتفضّلاً منه ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مضمر تقديره وأعطاهم فضلاً ويجوز أن يكون مصدراً مؤكداً لما قبله لأن ما ذكره قبله تفضّل منه سبحانه كقول أمرء القيس:
وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أَيَّ إذْلالِ   
على معنى أذللته أيّ إذلال فاستغنى عن أذللته بذكر رضت. المعنى: ثم عقّب سبحانه الوعيد بذكر الوعد فقال { إنّ المتقين } الذين يجتنبون معاصي الله لكونها قبائح ويفعلون الطاعات لكونها طاعات { في مقام أمين } أمنوا فيه الغِيَر من الموت والحوادث. وقيل: أمنوا فيه من الشيطان والأحزان عن قتادة { في جنّات وعيون } أي بساتين وعيون ماء نابعة فيها. { يلبسون من سندس واستبرق } خاطب العرب فوعدهم من الثياب بما عظم عندهم واشتهته أنفسهم. وقيل: السندس ما يلبسونه والإستبرق ما يفترشونه { متقابلين } في المجالس لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض بل يقابل بعضاً. وقيل: معناه متقابلين بالمحبّة لا متدابرين بالبغضة. { كذلك } حال أهل الجنة { وزوّجناهم بحور عين } قال الأخفش: المراد به التزويج المعروف يقال زوجته امرأة وبامرأة وقال غيره لا يكون في الجنة تزويج والمعنى وقرنّاهم بحور عين { يدعون فيها بكل فاكهة آمنين } أي يستدعون فيها أيّ ثمرة شاؤوا واشتهوا غير خائفين فوتها آمنين من نفاذها ومضرّتها.

السابقالتالي
2