الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } * { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } * { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة ربّ السماوات بالجرّ والباقون بالرفع. الحجة: الرفع فيه على أحد أمرين إما أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو رب السماوات وإما أن يكون مبتدأ وخبره الجملة التي عاد الذكر منها إليه وهو قوله { لا إله إلا هو } ويقوّيه قولهرب المشرق والمغرب } [المزمل: 9] لا إله إلاّ هو ومن قرأ بالجرّ جعله بدلاً من ربك المتقدم ذكره قال أبو الحسن: الرفع أحسن وبه يقرأ. الإعراب: إنّا كنّا منذرين جواب القسم دون قوله { إنّا أنزلناه } لأنك لا تقسم بالشيء على نفسه فإن القسم تأكيد خبر بخبر آخر فقوله { إنّا أنزلناه في ليلة مباركة } اعتراض بين القسم وجوابه. أمراً من عندنا في انتصابه وجهان أحدهما: أن يكون نصباً على الحال وتقديره إنا أنزلناه آمرين أمراً كما يقال جاء فلان مشياً وركضاً أي ماشياً وراكضاً وعلى هذا فيكون مصدراً موضوعاً موضع الحال وهذا اختيار الأخفش ويجوز أن يكون تقديره ذا أمر فحذف المضاف كما قال ولكنّ البرّ بمعنى ذا البرّ والثاني: أن يكون منصوباً على المصدر لأن معنى قوله فيها يفرق فيها يؤمر قد دلّ يفرق على يؤمر وقوله { رحمة } منصوب على أنه مفعول له أي أنزلناه للرحمة وقال الأخفش هو منصوب على الحال أي راحمين رحمة. المعنى: { حم } مرّ بيانه { والكتاب المبين } أقسم سبحانه بالقرآن الدالّ على صحّة نبوّة نبينا صلى الله عليه وسلم وفيه بيان الأحكام والفصل بين الحلال والحرام وجواب القسم { إنّا أنزلناه في ليلة مباركة } أي إنا أنزلنا القرآن والليلة المباركة هي ليلة القدر عن ابن عباس وقتادة وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ع. وقيل هي ليلة النصف من شعبان عن عكرمة والأصحّ الأول ويدلّ عليه قولهإنّا أنزلناه في ليلة القدر } [القدر: 1] وقولهشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } [البقرة: 185]. واختلف في كيفيّة إنزاله فقيل أنزل إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل نجوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنّه كان ينزل جميع ما يحتاج في كل سنة في تلك الليلة ثم كان ينزلها جبرائيل ع شيئاً فشيئاً وقت وقوع الحاجة إليه. وقيل: كان بدء إنزاله في ليلة القدر وروي عن ابن عباس أنه قال قد كلم الله جبرائيل في ليلة واحدة وهي ليلة القدر فسمعه جبرائيل وحفظه بقلبه وجاء به إلى السماء الدنيا إلى الكتبة وكتبوه ثمّ نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالنجوم في ثلاثة وعشرين سنة. وقيل: في عشرين سنة وإنما وصف الله سبحانه هذه الليلة بأنّها مباركة لأنّ فيها يقسم الله نعمه على عبادة من السنة إلى السنة فتدوم بركاتها والبركة نماء الخير وضدّها الشؤم وهو نماء الشر فالليلة التي أنزل فيها كتاب الله مباركة ينمى الخير فيها على ما دبّر الله سبحانه لها من علوّ مرتبتها واستجابة الدعاء فيها.

السابقالتالي
2