الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير عاصم إلا يحيى وروح عن يعقوب وإليه يرجعون بالياء والباقون بالتاء وفي الشواذ قراءة ابن مسعود ويحيى والأعمش يا مال وروي ذلك عن علي ع وقراءة أبي عبد الرحمن اليماني فأنا أول العبدين بغير ألف والقراءة المشهورة العابدين. الحجة: قال أبو علي: حجة الياء في يرجعون أن قبله غيبة وهو قوله { فذرهم يخوضوا ويلعبوا } وحجة التاء أن يراد به مع الغيبة مخاطبون فغلب الخطاب على الغيبة أو يكون على قل لهم وإليه ترجعون وقوله { يا مال } على المذهب المألوف في الترخيم قال الشاعر:
فَأَبْلِــغْ مالِكــاً عَنّــي رَسُولاً   وَما يُغْنِي الرَّسولُ لَدَيْكَ مالِ
أي يا مالك قال ابن جني: وفي هذا الموضع سر وهو أنّهم لعظم ما هم فيه خفيت قواهم وصغر كلامهم فكان هذا في موضع الاختصار وقوله أنا أوّل العابدين من قولهم عَبِدْتُ من الأمر أعبَد عَبَداً أي أنِفت منه قال الفرزدق:
أُولئِكَ قَوْمِي إنْ هَجَوْنِي هَجَوْتُهُمْ   وَأَعْبَــدُ أنْ تُهْجــى كُلَيْــبٌ بِـدارِمِ
وَلكِــنَّ نِصْفــاً إنْ سَبَبْتُ وَسَبَّنِي   بَنُــو عَبْـدِ شَمْسٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَهاشِمِ
الإعراب: قوله { وهو الذي في السمآء إله } ارتفع إله بكونه خبر مبتدأ محذوف من الصلة وتقديره وهو الذي هو في السماء إله وفي السماء يتعلق بقوله { إله } وموضعه نصب به وإن كان مقدّماً عليه وعنده علم الساعة أي علم وقوع الساعة فالمصدر مضاف إلى المفعول أي يعلم وقوع السّاعة. المعنى: لمّا بيّن سبحانه ما يفعله بالمجرمين بيّن أنه لم يظلمهم بذلك فقال { وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين } نفوسهم بما جَنَوا عليها من العذاب { ونادوا يا مالك } أي ويدعون خازن جهنّم فيقولون يا مالك { ليقض علينا ربّك } أي ليمتنا ربّك حتى نتخلص ونستريح من هذا العذاب { قال } أي فيقول مالك مجيباً لهم { أنّكم ماكثون } أي لابثون دائمون في العذاب قال ابن عباس: والسدّي إنّما يجيبهم مالك بذلك بعد ألف سنة وقال عبد الله بن عمر أربعين عاماً. { لقد جئناكم } أي يقول الله تعالى لقد أرسلنا إليكم الرسل { بالحق } أي جاءكم رسلنا بالحق وأضافه إلى نفسه لأنه كان بأمره. وقيل: هو من قول مالك وإنما قال لقد جئناكم لأنّه من الملائكة وهم من جنس الرسل عن الجبائي { ولكن أكثركم } معاشر الخلق { للحق كارهون } لأنّكم ألفتم الباطل فكرهتم مفارقته. { أم أبرموا أمراً فإنّا مبرمون } أي بل احكموا أمراً في كيد محمد صلى الله عليه وسلم والمكر به فإنّا مبرمون أي محكمون أمراً في مجازاتهم. { أم يحسبون } أي بل أيظنّ هؤلاء الكافر { أنا لا نسمع سرّهم ونجواهم } أي ما يسرّونه من غيرهم ويتناجون به بينهم والسرّ ما يضمره الإنسان في نفسه ولا يظهره لغيره والنجوى ما يحدّث به المحدّث غيره في الخفية { بلى } نسمع ذلك وندركه { ورسلنا لديهم يكتبون } ما يقولونه ويفعلونه يعني الحفظة وسبب نزول الآية مذكور في تفسير أهل البيت ع.

السابقالتالي
2