الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ } * { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ }

القراءة: قرأ حمزة والكسائي سلفاً بضم السين واللام وقرأ الباقون بفتحهما وقرأ أهل المدينة وابن عامر والأعشى والبرجمي وخلف يصدّون بضم الصاد والباقون بكسر الصاد. الحجة: من قرأ سلفاً جاز أن يكون جمعاً لسلف مثل أسد وأُسد ووثن ووُثُن ومن قرأ سلفاً فلأنّ فعلاً قد جاء في حروف يراد بها الكثرة فكأنّه اسم من أسماء الجمع قالوا خادم وخدم وطالب وطلب وحارس وحرس وكذلك المثل واحد يراد به الجمع ولذلك عطف على سلف في قوله { فجعلناهم سلفاً } ومثلاً ومعنى يصدّون ويصدّون جميعاً يضجّون عن أبي عبيدة قال الكسر أجود ويقال صدّ عن كذا فيوصل بعن كما قال الشاعر:
صَدَدْتِ الْكَأْسَ عنّا أُمَّ عَمْرو   وَكـانَ الكَأْسَ مَجْراهَا الْيَمِينا
وصدّوا عن سبيل الله فمن ذهب في يصدّون إلى معنى يعدلون كان المعنى إذا قومك منه أي من أجل المثل يصدّون ولم يوصل يصدّون بعن ومن قال يصدّون يضجّون جعل من متّصلة بيضجّ كما تقول يضجّ من كذا، وقال بعض المفسّرين معنى يصدّون يضجّون والمعنى أنّه لما نزلإنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [الأنبياء: 98] الآية لأنّها اتخذت آلهة وعبدت فعيسى في حكمهم قال ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك في هذا الذي قالوه منه يضحكون لما أتوا به من عندهم من تسويتهم بين عيسى وبين آلهتهم وما ضربوه إلا إرادة للمجادلة لأنهم قد علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوا من الموات. اللغة: يقال آسفه فأسف يأسف أسفاً أي أغضبه فغضب وأحزنه فحزن ويقال الأسف الغيظ من المغتمّ إلا أنه ها هنا بمعنى الغضب والسلف المتقدم على غيره قبل مجيء وقته ومنه السلف في البيع والسلف نقيض الخلف والجدل مقابل الحجة بالحجة. وقيل: الجدل اللدد في الخصام وأصله من جدل الحبل وهو شدة فتله ورجل مجدول الخلق أي شديده. وقيل: أصله من الجدالة وهي الأرض كأنّ كل واحد من الخصمين يروم إلقاء صاحبه على الجدالة. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن انتقامه من فرعون وقومه فقال { فلمّا آسفونا } أي أغضبونا عن ابن عباس ومجاهد وغضب الله سبحانه على العصاة إرادة عقوبتهم ورضاه عن المطيعين إرادة ثوابهم الذي يستحقّونه على طاعتهم. وقيل: معناه آسفوا رسلنا لأن الأسف بمعنى الحزن لا يجوز على الله سبحانه { انتقمنا منهم } أي انتقمنا لأوليائنا منهم { فأغرقناهم أجمعين } ما نجا منهم أحد. { فجعلناهم سلفاً } أي متقدّمين إلى النار { ومثلاً } أي عبرة وموعظة { للآخرين } أي لمن جاء بعدهم يتّعظون بهم أنّ حال غيرهم يشبه حالهم إذ أقاموا على العصيان. { ولما ضرب ابن مريم مثلاً } اختلف في المراد به على وجوه أحدها: أن معناه ولما وصف ابن مريم شبهاً في العذاب بالآلهة أي فيما قالوه على زعمهم وذلك أنه لمّا نزل قوله

السابقالتالي
2 3