الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

القراءة: قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف يبشر الله بفتح الياء وسكون الباء وضمّ الشين والباقون يبشّر الله بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين مشدّدة وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر ويعلم ما تفعلون بالتاء على الخطاب والباقون بالياء. الإعراب: ذلك الذي يبشّر الله عباده تقديره الذي يبشّر الله به عباده فحذف الباء ثم حذف الهاء ويجوز أن يكون الذي حكمه حكم ما التي تكون مصدرية أي ذلك تبشير الله عباده ويمح الله الباطل ليس بمعطوف على يختم لأنّ محو الباطل واجب فلا يكون معلّقاً بالشرط. المعنى: لمّا أخبر الله سبحانه أنّ من يطلب الدنيا بأعماله فلا حظّ له في خير الآخرة قال { أم لهم شركاء } أي بل لهؤلاء الكفار شركاء فيما كانوا يفعلونه { شرعوا لهم } أي بيّنوا لهم ونهجوا لهم { من الدين ما لم يأذن به الله } أي ما لم يأمر به الله ولا أذن فيه أي شرعوا لهم ديناً غير دين الإسلام عن ابن عباس { ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم } أي لولا أن الله حكم في كلمة الفصل بين الخلق بتأخير العذاب لهذه الأمة إلى الآخرة لفرغ من عذاب الذين يكذّبونك في الدنيا { وإنّ الظالمين } الذين يكذّبونك { لهم عذاب أليم } في الآخرة. { ترى الظالمين مشفقين } أي خائفين { ممّا كسبوا } أي من جزاء ما كسبوا من المعاصي وهو العقاب الذي استحقّوه { وهو واقع بهم } لا محالة لا ينفعهم منه خوفهم من وقوعه والإِشفاق الخوف من جهة الرّقة على المخوف عليه من وقوع الأمر { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات } فالروضة الأرض الخضرة بحسن النبات والجنة الأرض التي يحفّها الشجر { لهم فيها ما يشاؤون عند ربهم } أي لهم ما يتمنّون ويشتهون يوم القيامة الذي لا يملك فيه الأمر والنهي غير ربهم ولا يريد بعند قرب المسافة لأنّ ذلك من صفات الأجسام. وقيل: عند ربهم أي في حكم ربهم { ذلك هو الفضل الكبير } أي ذلك الثواب هو الفضل العظيم من الله إذ نالوا نعيماً لا ينقطع بعمل قليل منقطع. ثم قال { ذلك } الفضل الكبير { الذي يبشّر الله به عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ليستعجلوا بذلك السرور في الدنيا من شدّد الشين أراد به التكثير ومن خفّف فلأنّه يدل على القليل والكثير. ثمّ قال سبحانه { قل } لهم يا محمد { لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى } اختلف في معناه على أقوال أحدها: لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلا التوادّ والتحابّ فيما يقرّب إلى الله تعالى من العمل الصالح عن الحسن والجبائي وأبي مسلم قالوا هو التقرّب إلى الله تعالى والتودّد إليه بالطاعة وثانيها: أن معناه إلا أنّ تودّوني في قرابتي منكم وتحفظوني لها عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وجماعة قالوا وكل قريش كانت بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة وهذا لقريش خاصة والمعنى إن لم تودّوني لأجل النبوّة فودّوني لأجل القرابة التي بيني وبينكم وثالثها: أنّ معناه إلا أن تودّوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم عن علي بن الحسين ع وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وجماعة وهو المروي عن ابن جعفر وأبي عبد الله ع.

السابقالتالي
2 3